كميت وهالك، وما اتفقت حروفه الأصلية مع اختلاف الترتيب فقط، كجبذ وجذب، أو مع اختلاف المعنى أيضا كمِلْح، ولَمْح، وحِلْم، ولَحْم، وحَمْل، ومَحْل.
وأشار بقوله:
لا بد في المشتق من تغيير … محقق، أو كان ذا تقدير
إلى أنه لا بد في القول باشتقاق الكلمة من غيرها، أن يكون بينهما اختلاف، ولو تقديرا، فلو اتفقتا لم يكن للاشتقاق معنى، لأنها عينها.
فالاختلاف الظاهر، كاختلاف الضارب والمضروب عن الضرب، والمقدر كطلبَ: فعل ماض، من طلبٍ مصدرا، قالوا: فتحة اللام في الفعل، غيرها في المصدر، وكضمة النون في جنب مفردا، فهي ـ كما قالوا ـ غيرها فيه جمعا.
وشرط الاختلاف في اللفظ، يقتضي أن المنقول ليس من قبيل المشتق، كجمرة علم رجل، وأسد، وأسامة، ونعمان، وهو خلاف ما يقع في عبارة بعض أهل العلم عند الكلام على الأسماء الشرعية، فيقولون في الصوم ـ مثلا ـ إنه مشتق من صوم النهار: سكون رياحه ونحو ذلك.
وإن يكن لمبهَم فقد عهد … مطردا، وغيره لا يطرد
معناه أن اشتمال المحل على معنى يناسب اسمه، لا يستلزم جواز إطلاقه في كل موضع وجد فيه ذلك المعنى، فقد تضع العرب ذلك لبعض المواضع المشتملة على المعنى، دون غيره على وجه الخصوص.
فإن علم من استعمالهم ذلك في لفظ لم يتعد به موضعه، وذلك كالقارورة: لوعاء المائع من الزجاج خاصة، وكالدبران: للنجوم المعروفة، وكعيوق: للنجم المعروف، وكالأدهم: للقيد، والأخيل: للطائر المعروف.
وإن علم عدم أخذ المحل قيدا، كان مطردا، كالضارب لكل من وجد منه وصف الضرب، وبهذا احتج من منع ثبوت اللغة بالقياس، لاحتمال أخذ المحل قيدا في الاسم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ونقل في الحلي هنا عن ولي الدين في النجم الوهاج، أنه قال: اشتقاق الألفاظ بعضها