للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فهذه إذا. وانحدر إلى البصرة- وأميرها يومئذ بشر بن مروان- فأتى مجلس بنى سدوس وسيّدهم يومئذ سويد بن منجوف، ومعه فى مجلسه رجل من بنى أسعد بن همّام، فتكلم الأخطل، وذكر حمالته، وأنه آلى ألّا يكلم فيها إلا ربعيّا؛ فأقبل عليه الأسعدى فقال: أولست الذى يقول:

إذا ما قلت قد صالحت بكرا ... أبى الأضغان لا النسب البعيد

وذكر الأبيات «٢٤» . فهيّجهم عليه، فقالوا: لا، لعمر الله، لا نرفدك ولا نعينك، وإنك منّا للهوان لأهل. فوثب الأخطل وهو يقول «٢٥» :

متى آت الأراقم لا يضرنى ... نبيب الأسعدىّ وما يقول

فإن تمنع سدوس درهميها ... فإنّ الريح طيّبة قبول

وإنّ بنى أميّة ألبستنى ... رداء كرامة ليست تزول

سيحملها أبو مروان بشر ... فذاك لكل مضلعة حمول

ويكفينى الذى استكفيت منه ... بفعل لا يمنّ ولا يحول

تواكلنى بنو العلّات منهم ... وغالت مالكا ويزيد غول

قريعا «٢٦» وائل ذهبا جميعا ... كأنّ الأرض بعدهما محول

ثم أتى بشرا فأنشده شعره، وشكا إليه الأسعدى. قال: وكم حمالتك يا أبا مالك؟

فأخبره. فأضعفها له. فقال الأخطل يهجو سويدا:

وما جذع سوء خرّق السوس جوفه ... لما حمّلته وائل بمطيق

فقال له سويد: يا أبا مالك، لا والله ما تحسن تهجو ولا تحسن تمدح، بل تريد الهجاء فيكون مديحا، وتريد المديح فيكون هجاء؛ قلت لى وأنت تريد هجائى: لما حملته وائل بمطيق، فجعلت وائل حمّلتنى أمورها؛ وما طمعت فى ذلك من بنى ثعلبة «٢٧» فضلا

<<  <   >  >>