الفرزدق والأخطل جريرا؛ فقال له الأخطل: والله إنك وإياى لأشعر منه، غير أنه قد أعطى من سيرورة الشعر شيئا ما أعطيه أحد؛ لقد قلت بيتا ما أعرف فى الدنيا بيتا أهجى منه «٥٧» :
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمّهم بولى على النار
تمامه:
فتمسك البول بخلا لا تجود به ... ولا تبول لهم إلا بمقدار
والتغلبىّ إذا تنحنح للقرى ... حكّ استه وتمثّل الأمثالا
فلم يبق سقّاء «٥٩» ولا أمة إلا رواه.
قال: فقضيا يومئذ لجرير أنه أسير شعرا منهما.
كتب إلىّ أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبّة، وحدثنى [٦٧] على بن عبد الرحمن، قال: أخبرنى يحيى بن على بن يحيى المنجّم، عن أبيه، قالا: قال جرير:
إنه والله ما يهجونى الأخطل وحده، وإنه ليهجونى معه خمسون شاعرا كلّهم غزير ليس بدون الأخطل، وذلك أنه إذا أراد هجائى جمعهم على شراب، فيقول هذا بيتا وهذا بيتا حتى يتمّوا القصيدة وينتحلها الأخطل.
كتب إلىّ أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبّة، قال: حدثنى محمد بن سلام، قال: قلت لعبّاد بن الحجاج أبى الخطاب- وكان يميل إلى الشعوبية، وكان عالما بالشعر، مائلا إلى الأخطل يتعصّب بالرّبعية: أترى الأخطل مجيدا فى مديحه لعبد الملك حيث يقول «٦٠» :
وقد جعل الله الخلافة فيكم ... لأزهر لا عارى الخوان ولا جدب