حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن أبى خيثمة، عن محمد بن سلام، عن أبان بن عثمان البجلى، قال: دخل كثير على عبد الملك فأنشده. وحدثنى محمد بن أحمد الكاتب. قال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوى، عن محمد بن سلام، قال: قال يونس: أنشد كثيّر عبد الملك مدحته التى يقول فيها «١٤» :
على ابن أبى العاصى دلاص حصينة ... أجاد المسدّى سردها وأذالها «١٥»
يؤود القوم حمل قتيرها ... ويستضلع القوم الأشمّ احتمالها «١٦»
فقال له عبد الملك: قول الأعشى «١٧» لقيس بن معدى كرب أحبّ إلىّ من قولك إذ تقول.
وقال ابن أبى خيثمة فى حديثه: ألا قلت كما قال الأعشى «١٨» :
وإذا تجىء كتيبة ملمومة ... خرساء يخشى الذائدون نهالها «١٩»
كنت المقدّم غير لابس جنّة ... بالسّيف تضرب معلما أبطالها
فقال: يا أمير المؤمنين، وصف الأعشى صاحبه بالطيش والخرق والتغرير، ووصفتك بالحزم والعزم. فأرضاه.
قال الشيخ أبو عبيد الله المرزبانى رحمه الله تعالى: رأيت أهل العلم بالشعر يفضّلون قول الأعشى فى هذا المعنى على قول كثير؛ لأن المبالغة أحسن عندهم من الاقتصار على الأمر الأوسط، والأعشى بالغ فى وصف الشجاعة حتى جعل الشجاع شديد الإقدام بغير