للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر بعد ذلك بناءه قبّة، ثم وصف القبة أنها من الذهب والفضة؛ وهذا أيضا ليس من المدح؛ لأن بالمال «٧٣» والثروة مع الضعة والفهّة «٧٤» ما يمكن «٧٥» بناء القباب الحسنة وغيرها، واتخاذ كل آلة فائقة، ولكن ليس ذلك مدحا يعتدّ به، ولا نعتا جاريا على حقّه.

ومما نذكره فى هذا الموضع ليصحّ به شدة قبح هذا المدح قول أشجع بن عمرو بما يخالف اليسار «٧٦» :

يريد الملوك مدى جعفر ... ولا يصنعون كما يصنع

وليس بأوسعهم فى الغنى ... ولكنّ معروفه أوسع

فقد أحسن هذا الشاعر حيث لم يجعل الغنى واليسار فضيلة، بل جعلها غيرهما.

وقال أيمن أيضا فى بشر «٧٧» :

لو أعطاك «٧٨» بشر ألف ألف ... رأى حقّا عليه أن يزيدا

وأعقب مدحتى سرجا خلنجا «٧٩» ... وأبيض جوزجانيّا عقودا «٨٠»

فإنا «٨١» قد وجدنا أمّ بشر ... كأمّ الأسد مذكارا ولودا

فجميع هذا المدح على غير الصواب، وذلك أنه أومأ إلى المدح بالتناهى فى الجود أولا، ثم أفسده فى البيت الثانى بذكر السرج وغيره، ثم ذكر فى البيت الثالث ما هو إلى أن يكون ذمّا أقرب؛ وذلك أنه جعل أمّه ولودا والناس مجمعون على أنّ نتاج الحيوانات الكريمة يكون أعسر «٨٢» ، ومنه قول الشاعر «٨٣» :

بغاث الطير أكثرها فراخا ... وأمّ الصقر مقلات نزور «٨٤»

<<  <   >  >>