أراد أنهم لا يغلبون ولا يصرعون، كما أن الفيلة لا تضطجع. وهذا بعيد جدّا [١٨٣] من الإحسان.
وقال «٤٦» :
ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت ... فيه الظنون أمذهب أم مذهب
يريد غلبت على مذهبه السماحة؛ فكأن فيها مذهبا يظنه بعض الناس.
وقال «٤٧» :
لو لم يمت بين أطراف الرّماح إذا ... لمات إذ لم يمت من شدة الحزن
فكأنه لو نصر أيضا وظفر كان يموت من الغمّ حيث لم ينصر ويقتل؛ فهذا معنى لم يسبقه أحد إلى الخطأ فى مثله.
وقال «٤٨» :
إذا فقد المفقود من آل مالك ... تقطّع قلبى رحمة للمكارم
وهذا قد عيب قبلنا. وقالوا: نقطّع رحمة للمكارم- من كلام المخنثين.
وقد كان الناس قبلنا ينكرون على الشاعر أقل من هذه المعايب، حتى هجّنوا شعر الأخطل، وقدّموا عليه بثلاثة أبيات لم يصب فيها، وهو شاعر زمانه، وسابق ميدانه. من ذلك قوله «٤٩» :
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل
فأنكروا عليه فى هذا البيت ما أظهر من الجزع، وعظّم من فعل عدوه به.
وقوله:
بنى أميّة إنى ناصح لكم ... فلا يبتنّ فيكم آمنا زفر