للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرنى يوسف بن يحيى بن على المنجم، عن أبيه، قال. أكثر هذه الأشعار الساذجة الباردة تسقط وتبطل إلّا أن ترزق حمقى؛ فيحملون ثقلها؛ فتكون أعمارها بمدة أعمارهم، ثم ينتهى بها الأمر إلى الذهاب؛ وذلك أنّ الرواة ينبذونها، وينفونها فتبطل.

قال الشاعر «١٨» :

يموت ردىء الشعر من قبل أهله، ... وجيّده يبقى، وإن مات قائله

وقال رؤبة بن العجاج لعقبة ابنه، وقد أنشده شعرا له: يا بنى؛ إنك ذهبان الشعر! فذهب شعره فما أحد يروى له بيتا، ولا يعرف له جامع شعر. فإنّ هذا لعجيب من الحكم على الغيب. فيصح هذه الصحة؛ ولكنها كهانة عالم وفراسة أب فى ابن؛ وما علمت أنّ عقبة هذا ذكر قط إلّا فى خبر واحد؛ فإنهم زعموا «١٩» أنه اجتمع وبشار بن برد فى مجلس عقبة بن سلم، فأنشد عقبة بن رؤبة عقبة بن سلم مدحا له فيه، فأحسن بشار محضره وأقبل يستحسنه، فلما فرغ من الشعر التفت إلى بشار، فقال: هذا طراز لا تحسنه. ففى مقابلة الجميل بخلافه دليل على حمقه. فزعموا أنّ بشارا غضب وقال: ألى تقول هذا؟

والله لأنا أرجز منك ومن أبيك وجدّك. ثم غدا على عقبة بن سلم بأرجوزته التى أولها «٢٠» :

يا طلل الحىّ بذات الصّمد ... بالله خبّر كيف كنت بعدى

فلما سمعها عقبة بن رؤبة هرب، فنقل الناس الخبر، وحملوا شعر بشار ولم يحملوا شعر عقبة. وسقط إلى الساعة، فما يعرف له منه بيت.

حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن على المهرى، قال: حدثنا أبو عثمان المازنى عن الأصمعى، قال: جاء رجل إلى خلف الأحمر، فقال: إنى قد قلت شعرا أحببت أن أعرضه عليك لتصدقنى عنه. قال: هات. فأنشده:

<<  <   >  >>