فانْظُرْ إِلَى قومِ نُوح كَيفَ اسْتنكَفوا مِن اتِّباعِ نَبِيِّهم لِسَبَبِ اتِّباعِ الضُّعفاءِ له، وَذَلِكَ لِكونِ مَطْمَحِ أنظارِهِم الدُّنْيا، وإِلا لو كانت الآخرةُ هَمَّهم، لاتَّبَعوا الحَقَّ أيْنَما وَجَدوهُ، ولكن لِجاهِلِيتِهم أعْرَضوا عَن الحَقِّ لاتِّباعِ شَهَواتِهِم، وانْظُرْ إلى هِرَقْلَ لَمَّا كان من العَقْلِ والبَصيرةِ على جانبٍ عظيمٍ، اعتقدَ اتِّباعَ الضُّعفاءِ دليَلاَ على الحَقِّ. فقال في جُملةِ ما سألَ أبا سُفْيانَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. "وَسَألْتُكَ عن أشْرافِ النَّاسِ اتَّبَعوه أم ضُعفاؤهم؟ فَذَكَرْتَ أنَّ ضُعَفاءَهم اتَّبَعوه، وهم أتْباعُ الرُّسُل".
وصم أنصار الحق بما ليس فيهم (الثانية عشرة) من خصالِ أهل الجاهلية: رمي مَنِ اتَّبَعَ الحَقَّ بِعَدَمِ الإِخلاصِ، وطَلَبِ الدُّنيا. فَرَدَّ الله عَلَيهم بقولِ نَبِيِّهم الَّذِي حكاهُ الله عن نوحِ في الآيات المذكورة في المسألةِ الحاديةَ عشرةَ، بقوله [الشعراء: ١١١- ١١٥]