للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقولُه (أُوْلئكَ) كلام مُسْتَأنَفٌ منهُ مَسوق لتكْميلِ تعريفِ الأخْسَرينَ، وتَبيينِ خُسرانِهِم وضَلالِ سعْيِهِم وتَعْيينهم، بِحيثُ يَنْطَبِقُ التَّعريفُ على المُخاطَبينَ. أيْ أولئكَ المَنْعوتونَ بِما ذُكِرَ من ضَلالِ السَّعْيِ والحُسْبانِ المذكورِ {الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} [الكهف: ١٠٥] بِدلائِلِهِ سُبحانَه الدَّاعِيَة إلى التَّوحيدِ الشَّامِلة للسَّمعيَّةِ والعقلِيّةِ {وَلِقَائِهِ} [الكهف: ١٠٥] هو كِنايةٌ عن البعثِ والحَشْرِ وما يَتْبَعُ ذلك من أُمورِ الآخِرَةِ، أي لم يؤمِنوا بِذَلِكَ على ما هو عَلَيه {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥] أيْ: فَنَزْدَري بهم، وَنَحْتَقِرُهُم. ومِنَ النُّصوصِ ما يَدُلُّ على أنَّ مِنهم مَن كان يُنْكِرُ بَعضَ الآياتِ، ومِنهم مَن كانَ مُعْرِضًا عَنْها وهاجرًا لها، ولاَ يَخْفى عليك أنَّ مِنَ النَّاسِ اليومَ مَن هُوَ أدْهى وأمَرُّ مِمَّا كانَ عَلَيْهِ أهلُ الجاهِلِيَّة فِي هَذَا البابِ.

[اختيار كتب الباطل ونبذ آيات الله]

اختيار كتب الباطل، ونبذ آيات الله (التاسعة والثلاثون) : اشْتِراء كُتُبِ الباطِلِ واخْتِيارُها عليها، أيْ عَلى الآيات. قالَ تَعالى [البقرة: ٩٩-١٠٣] : {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ - أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ - وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ - وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: ٩٩ - ١٠٢] إلى قوله: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ - وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠٢ - ١٠٣]

وَمَعنى قوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: ١٠٢] أيْ اسْتبدَلَ ما تَتْلوا الشَّياطينُ بِكتابِ الله. {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ١٠٢] أي: نَصيبٍ {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ١٠٢] أيْ: واللهِ لَبِئْسَ شَيْئًا شَرَوا بهِ حُظوظَ أنْفُسِهِم، أيْ: باعوها أو شَرَوْها في زعْمِهِم ذَلِكَ الشِّراءَ {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا} [البقرة: ١٠٣] أيْ بِالرَّسولِ أوْ بِما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنَ الآياتِ أو بِالتَّوْراةِ {وَاتَّقَوْا} [البقرة: ١٠٣] أيْ المَعاصي

<<  <  ج: ص:  >  >>