[مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية]
[[مقدمة الطبعة الأولى] محب الدين الخطيب]
مسائل الجاهلية
التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا (محمد) رافع لواء الهدى في العالمين وبعد فإن الخلفاء الراشدين ورجال الدولة في زمن بنى أمية كانوا يعهدون بلواء الإسلام إلى السواعد العربية تخوض به الآفاق شرقًا وغربًا، وإلى الألسنة العربية تدعو إليه بادية وحاضرة، فكانت الدولة على اتصال بجزيرة العرب تغذي الجيش من فتيانها، وتعنى بأحوال أهلهم في ربوعهم وبين جبالهم، وتوسد الأمور في الأقطار إلى النوابغ من عقلائهم وحكمائهم، فكان الإسلام غضًا في جزيرة العرب، وهدايته معمولا بها تحت الخيمة وفي بيت الشعر وبين جذوع النخيل فما برح الإسلام بذلك منصورًا، وممالكه بازدياد، والناس يدخلون في دين الله شعوبًا وأممًا، إلى أن استدار الزمان مرة أخرى فجرب الخلفاء من بنى العباس الاعتماد على أهل السياسة والحمية الدنيوية من الفرس في إقامة دعائم ملكهم، ولم يكن أهل السياسة والدنيا منهم كما كان أهل التقوى والدين، فأبدت المجوسية نواجذها، ورغم الفتك بأبي مسلم فإن الحال ظلت على ذلك إلى زمن أمير المؤمنين المعتصم فأخذ دفة السفينة من أيدي الفرس وأسلمها إلى أيدي غلمانه من الترك، فنهض من شر واحد ووقع في شرين: لأن للفرس سابقة وحضارة ليس لهؤلاء مثلهما. وفي هذه الحادثة يقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده:
[خليفة عباسي أراد أن يصنع لنفسه ولخلفه، وبئس ما صنع بأمته ودينه. أكثر من ذلك الجند الأجنبي، وأقام عليه الرؤساء منه. فلم تكن إلا عشية أو ضحاها حتى تغلب رؤساء الجند على الخلفاء، واستبدوا بالسلطان دونهم وصارت الدولة في قبضتهم، ولم يكن لهم ذلك العقل الذي راضه الإسلام، والقلب الذي هذبه الدين، بل جاءوا إلى الإسلام بخشونة الجهل، يحملون ألوية الظلم، لبسوا