الحمد لله الذي هدانا للدين المبين، وأنار لنا الصراط المستقيم والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.
أما بعد فيقول العبد المفتقر إلى عفو الله وغفرانه محمود شكري الألوسي البغدادي كان الله تعالى له، وأحسن عمله: إني قد وقفت على رسالة صغيرة الحجم كثيرة الفوائد تشتمل على نحو مائة مسألة من المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية من الأميين والكتابيين، وهي أمور ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان ولا أخذت عن نبي من النبيين، ألفها الإمام محيي السنة، ومجدد الشريعة النبوية، أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي، تغمده الله تعالى برحمته. فرأيتها في غاية الإيجاز، بل كادت تعد من قبيل الألغاز، قد عبر عن كثير منها بعبارة مجملة، وأتى فيها بدلائل ليست بمشروحة ولا مفصلة. حتى إن من ينظرها ليظن أنها فهرس كتاب، قد عدت فيه المسائل من غير فصول ولا أبواب، ولاشتمالها على تلك المسائل المهمة الآخذة بيد المتمسك بها إلى منازل الرحمة، أحببت أن أعلق عليها شرحًا يفصل مجملها ويكشف معضلها من غير إيجاز مخل ولا إطناب ممل.
مقتصرًا فيه على أوضح الأقوال، ومبينًا ما أورده من برهان ودليل، عسى الله أن ينفع بذلك المسلمين، ويهدي به من يشاء من عباده المتقين. فيكون سببًا للثواب، والفوز يوم العرض والحساب، والأمن من أليم العذاب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.