تنتَفِعونَ بموافقتِهم واتِّباعِهم، كما قال صلى الله عليه وسلم:«يا مَعْشَرَ قُريشٍ، إنَّ أوْلى النّاسِ بالنّبيِّ المُتّقَونَ، فَكونوا بِسَبيلٍ مِن ذَلِكَ فانظُروا أنْ لا يَلقاني النّاسُ يَحْمِلون الأعمالَ، وتَلْقَوني بالدُنيا، فَأصُدَّ عنكم بوجْهي» . وهذا الحديثُ بمعنى قوله تَعالى [الحجرات: ١٣] : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣] ومَعْنى قوله: {وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة: ١٣٤] لا تُؤاخَذونَ بِسَيئاتِهم، كما لا تُثابونَ بحسناتِهم. وهذه الخَصلةُ موجودة اليومَ في كثيرٍ مِن المسلمينَ، ورأسُ مالِهِم الافتخارُ بالآباءِ، فَمِنهم مَن يقولُ: أنا مِن ذُرِّيّة عبدِ القادرِ الجيلانيِّ، ومِنهم مَن يقولُ: أنا مِن ذُرية أحمدَ الرِّفاعيِّ، ومِنهم مَن يقولُ: أنا بكريٌّ، ومنهم من يقول: أنا عُمَريّ، ومنهم من يقول: أنا عَلَويّ أو حَسَنِيٌّ أو حُسَينيّ، ولا فضيلةَ لهم ولا تَقْوى، وكلُّ ذلك لا ينفعُهم {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: ٨٨ - ٨٩] ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لفاطمة: «يا فاطمةُ بنتَ محمَّدٍ، لا أغني عنكِ مِن الله شَيْئًا» وما قَصَدَ أولَئك المُفْتَخِرينَ بآبائِهِم- وهم عارونَ عن كُلِّ فضيلةٍ - إلا أكل أموالِ النَّاسِ بالباطلِ، وفي المثل:"كُنْ عِصاميًّا، وَلا تكنْ عِظاميًّا".
إنَّ الفَتَى مَن يقولُ ها أنا ذا ... لَيْسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كانَ أبي
ولِلَّهِ دَرُّ مَن قال يَرُدُّ على المفتخِرِ بِذَلِكَ:
أقولُ لِمَن غَدا في كُلِّ يومٍ ... يُباهينا بأسلافٍ عِظامِ