للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: قوله: في الهر "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" (١) مع أن الهرة في العادة تأكل الفأر، ولم يكن هناك قناة ونحوها ترد عليها تطهر بها أفواهها بالماء فإن طهورها ريقها.

ومنها: أن الخمر المنقلبة بنفسها تطهر باتفاق المسلمين.

وإذا كان كذلك فالراجح في هذه المسألة: أن النجاسة متى زالت بأي وجه زال بذلك حكمها، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها، لكن لا يجوز استعمال الأطعمة والأشربة في إزالة النجاسة لغير حاجة؛ لما في ذلك من إفساد الأموال، كما لا يجوز الاستنجاء بها.

والذين قالوا: لا يزول إلا بالماء، منهم من قال: إن هذا تعبد، وليس الأمر كذلك، فإن صاحب الشريعة أمر بالماء في قضايا معينة [لتعينه] (٢)، لأن إزالتها بالأشربة التي ينتفع بها المسلمون إفساد لها، وإزالتها بالجامدات كانت متعذرة، كغسل الثوب والإناء والأرض بالماء، فإنه من المعلوم أنه لو كان عندهم ماءُ وَرْدٍ وخلٍّ وغير ذلك لم يأمرهم بإفساده، فكيف إذا لم يكن عندهم؟

ومنهم من قال: إن الماء له من اللطف ما ليس لغيره من المائعات فلا يلحق غيره به؛ وليس الأمر كذلك، بل الخل وماء الورد وغيرهما يزيلان ما في الأنية من النجاسة كالماء وأبلغ، والاستحالة


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ليست في (د)، وهي ثابتة في (خ، ف).

<<  <   >  >>