وأما عن سماع عبد الرحمن بن عبد الله من أبيه ابن مسعود، فقد أثبته الثوري، وشريك، وابن المديني، وأبو حاتم، وابن معين في رواية معاوية بن صالح، ونفاه في رواية أخرى، وبالغ الحاكم فقال: اتفق مشائخ أهل الحديث أنه لم يسمع من أبيه، فتعقبه الحافظ قائلًا: "وهو نقل غير مستقيم"، انظر "تحفة التحصيل"، لأبي زرعة العراقي (ص ٢٠٠)، و"التهذيب لابن حجر" (٣٨٦). وقال العلائي في "جامع التحصيل" (ص ٥٣): "فالصحيح أنه -أي: عبد الرحمن- سمع منه دون أخيه أبي عبيدة، قاله الإمام البخاري وغيره" اهـ. وذكر له البخاري في "التاريخ الأوسط" (٢٤٦) (١/ ١٦٩) حديثًا من طريق ابن خُثيَم المكي عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه: أخَّر الوليد بن عقبة الصلاة بالكوفة، فانكفأ ابن مسعود إلى مجلسه، وأنا مع أبي ثم قال: "شعبة يقول: عبد الرحمن لم يسمع من أبيه، وحديث ابن خُثيم أولى عندي" أي: أن البخاري يحتج بحديث ابن خثيم على إثبات سماعه، وهذا هو الراجح، لهذا الحديث، ولأن المثبت معه زيادة علم، فهو مقدَّم على النافي، والله أعلم. وبناء عليه، فإن هذا إسناد حسن، وهو موقوف على ابن مسعود وقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١٠٥٣)، والبزار في "مسنده" (٢٠١٦) من طريق عمرو بن عثمان بن أبي صفوان عن أبيه عن سفيان الثوري عن سماك عن عبد الرحمن عن أبيه قال: صفقتان في صفقة ربا، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسباغ الوضوء -هذا لفظ ابن حبان-، ووافق لفظ البزار لفظ المروزي في شطره الأول فقط، ووافق ابن حبان في الشطر الثاني. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٢٨٨) من طريق عمرو بن عثمان به، لكن مرفوعًا، ثم ذكره من طريق أبي نعيم عن سفيان به موقوفًا ثم قال: "هذا أولى، وأما أمرنا رسول الله بإسباغ الوضوء فلا أصل له بهذا الإسناد من حديث الثوري، وقد رُويَّ بغير هذا الإسناد، كأنه حديث دخل في حديث" اهـ.