للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يا ربّ كاسية في الدنيا عاريهٍ يوم القيامة) (٧٤١).

قلت: أكثر النحويين يرون أن معنى "رب" التقليل، وأن معنى ما يصر بها المضَي.

والصحيح أنَ معناها في الغالب التكثير. نص على ذلك سيبويه. ودلت شواهد النثر والنظم عليه.

فأما نصَ سيبويه فقوله في باب "كم" (واعلم أنَ "كم" في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه "ربَ" لأن المعنى واحد، إلَا أن "كم" اسم، و"رب" غير اسم) (٧٤٢) فجعل معنى "ربَ" ومعنى "كم"الخبريهَ واحدًا.

ولا خلاف في أن معنى "كم" التكثير، ولا معارض لهذا الكلام في كتابه، فصح أن مذهبه كون "ربَ" للتكثير لا للتقليل.

وأما الشواهد على صحة ذلك فمنها نثر ومنها نظم.

فمن النثر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " يا ربَ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، فليس المراد أن ذلك قيل، بل المرِاد أنَ الصنف المتصف بهذا (٧٤٣) من النساء كثير. ولذلك لو جعلت "كم" موضع "رب" لحسن. ونظائره كثيرة.

ومن شواهد هذا من النظم (٧٤٤) - صلى الله عليه وسلم - قول حسان رضي الله عنه (٧٤٥):

١١٦ - رب حلم أضاعه عدم الـ ... مال وجهل غطى عليه النعيم

وقول ضابئ البرجمي (٧٤٦):


(٧٤١) في صحيح البخاري ٢/ ٦٠ " ... عاريةٍ في الآخرة" وينظر أيضا١/ ٣٩ و ٥/ ٦٠ و ٧/ ١٩٧.
(٧٤٢) كتاب سيبويه ٢/ ١٦١.
(٧٤٣) د: بها. تحريف.
(٧٤٤) ج: ومن شواهد النظم.
(٧٤٥) ديوانه ص ٣٧٨.
(٧٤٦) لم أقف على الشاهد في كتاب.

<<  <   >  >>