للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من القرآن الكريم والحديث الشريف ومن أشعار العرب وأقوالها.

ومن خلال ذلك تتجلى قابليته المتميزة ومقدرته على استخدام هذه النصوص بطريقة نحن أحوج ما نكون إليها مادمنا نسعى إلى تيسير لغتنا.

وفيما يأتي عرض موجز للأنواع التي استدل بها على ذلك الترتيب:

[القرآن الكريم وقراءاته]

استند ابن مالك إلى الذكر الحكيم في الاحتجاج للمسائل التي عرض لها، وتوجيه مشكل النصوص التي اختارها. وكان يهرع إليه ما وجد إلى ذلك سبيلًا، حتى بلغت شواهده وأمثلته مئة واثنتين وعشرين آية، منها خمس عشرة آية مكررة.

وهو يأخذ بظاهرها, ولا يؤثر التأويل والتقدير.

ومن أمثلة ذلك تجويزه استعمال "من" في ابتداء غاية الزمان، قال (وهو ما خفي على كثر النحويين فمنعوه تقليدًا لسيبويه في قوله: وأما "من" فتكون لابتداء الغاية في الأماكن). (٣٨)

واستدل بقوله تعالى {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}. (٣٩) وهو مذهب الكوفيين، وتأول البصريون "من أول يوم" على تقدير: من تأسيس أول يوم. (٤٠)

واهتمامه بالقراءات جعله يعتمد عليها بكثرة، إذ بلغ احتجاجه بها في خمسة وأربعين موضعًا، صرح بأسماء أصحابها في أربعين موضعًا.

ومن ذلك أنه أيد بقراءة حمزة من السبعة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (٤١) بجر لفظ "الأرحام" جواز العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار، وهو مما منَعه البصريون ورفضوا شواهده. (٤٢)

ونظير هذا تجويزه نصب المضارع بعد الفاء في جواب "لعل". وهو مما لم يجوزه البصريون. (٤٣) وحجته في ذلك قراءة عاصم {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ


(٣٨) شواهد التوضيح: الورقة "٢٠ و". وينظر كتاب سيبويه ٢/ ٢٢٤.
(٣٩) التوبة ٩/ ١٠٨.
(٤٠) ينظر المسألة ٥٤ من الانصاف لابن الأنباري ١/ ٣٧٠.
(٤١) النساء ٤/ ١. وينظر: شواهد التوضيح، البحث رقم ١٢.
(٤٢) ينظر المسألة ٦٥ من الانصات ٢/ ٣٦٢.
(٤٣) البحر المحيط لأبى حيان ١/ ٩٩ و ٧/ ٤٦٥ والجنى الدانى، للمرادى في ص ١٢٩.

<<  <   >  >>