للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأصل أن يجاء بالهمزة بعد العاطف كما جيء (٥٥) بعده بأخواتها، فكان يقال في {أَفَتَطْمَعُونَ} (٥٦) وفي {أَوَكُلَّمَا} (٥٧) وفي {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} (٥٨) "فأتطمعون" "و "وأكلما" و"ثم أإذا ما وقع" (٥٩) لأن همزة الاستفهام جزء من جملة الاستفهام، وهى معطوفة على ما قبلها من الجمل. والعاطف لا يتقدم عليه جزءٌ مما عطف (٦٠)

ولكن خُصت الهمزة بتقديمها على العاطف تنبيها على أنها أصل أدوات الاستفهام؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، وقد خولف هذا الأصل في غير الهمزة, فأرادوا التنبيه عليه، فكانت الهمزة بذلك أولى، لأصالتها في الاستفهام.

وقد غفل الزمخشري في معظم كلامه في "الكشاف" (٦١) عن هذا المعنى (٦٢) فادعَى أن بين الهمزة (٦٣) وحرف العطف جملة محذوفة معطوفًا عليها بالعاطف ما بعده (٦٤).

وفي هذا من التكلف ومخالفة (٦٥) الأصول ما لا يخفى.

وقد تقدم في كلامي على. "يا ليتنى"، أن المدعيَ حذف شيء يصح المعنى بدونه لا تصح دعواه حتى يكون موضع ادعاء الحذف صالحًا للثبوت، ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف، وما نحن بصدده بخلاف ذلك، فلا سبيل إلى تسليم الدعوى.


(٥٥) ج: تحيى.
(٥٦) سورة البقرة ٢/ ٧٥.
(٥٧) سورة البقرة ٢/ ١٠٠.
(٥٨) يونس ١٠/ ٥١:
(٥٩) ب: وثم إذا وقع. تحريف.
(٦٠) د: جزما عطف عليه. تحريف.
(٦١) فى معظم كلامه في الكشاف: ليس في أب.
(٦٢) عن هذا المعنى: ليس في ج.
(٦٣) د: ببن هذه الهمزة.
(٦٤) جاء في تفسير قوله تعالى "أفما نحن بميتين" من الكشاف ٤/ ٤٥: (الذي عطفت عليه الفاء محذوف، معنا: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين) وينظر أيضا الكشاف ٤/ ٢٣٧
(٦٥) د: ومن مخالفة. تحريف.

<<  <   >  >>