في سيرة خير العباد، ذكر فيه فضائله وأعلام نبوته وأحواله وأفعاله في البدء والمعاد، وانتخبه من أكثر من ثلاثمائة من كتب المتقدمين وتحرى فيه الصواب، وقد زادت أبوابه على سبعمائة، ختم كلا منها ببيان المشكل من غريب اللفظ، وكتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية لأبي العباس أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني المصري، وحاشيتها لأبي الضياء الشيراملسي المصري، وغير ذلك من كتب السيرة الكثيرة.
وفي كتب بيان حال الرواة وضبط أسمائهم وأسماء بلدانهم اختصر السيوطي معجم ياقوت الحموي، وسماه بهذا الاسم ولم يكمله، ولابن حجر ولغيره من أعلام مصر مؤلفات نشير إليها في موضعها بإذن الله.
وفي كتب الوفيات ألف الحافظ عبد العظيم المنذري كتاب التكملة لوفيات النقلة، كما ألف غيره من الأعلام كتبًا نذكرها في كتب الرجال.
وفي كتب المصطلح ألفوا كذلك كتبًا نعقد لدراستها فصلًا نشير في مقدمته إلى بيان هذا الكتب وأسماء مؤلفيها إن شاء الله.
هذه أهم أنواع العلوم الحديثية التي تناولها الأعلام من المحدثين في مصر بعد سقوط بغداد، واختيار أحد هذه العلوم للتأليف يعد منهجًا لمن يؤلف فيه، ولكل مؤلف في كتابه منهج خاص بهذا الكتاب، وباستعراض هذه الأنواع من العلوم ومناهج بعض الكتب المؤلفة فيها يتبين أنها تدور حول اختصار السنة وجمعها وترتيبها وتقريبها إلى الدارسين بالشرح والتهذيب، والبيان والتبويب، وقد كان من مظاهر الاختصار حذف الأسانيد، والاكتفاء بتخريج الأحاديث بعزوها إلى الكتب التي استمدت منها، وتقويم هذه الأحاديث ببيان درجتها غالبًا، والتنبيه إلى الضعيف منها والموضوع ثم محاولة إضافة الجديد إلى علوم الأولين ومؤلفاتهم بما يخدم السنة، ويجعلها دانية لمن أراد الانتفاع بها في دينه ودنياه.
على أنه لا بد لنا -قبل الانتهاء من هذه الدراسة- أن ننبه إلى أنه لم يكن في منهج المتأخرين في جمع السنة أخذها عن طريق المشافهة أو الرواية بالأسانيد، ضرورة أن عهد الرواية قد انتهى بانتهاء القرن الثالث، وإن كان قليل منهم قد حاول ذلك في بعض كتبه، كما سيتبين ذلك فيما يأتي في دراسة المدونات الحديثية إن شاء الله.