هذا الكتاب -كما قلنا وكما دلت عليه تسميته وعنوانه- تلخيص لكتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير.
ومؤلفه هو الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الذي سبقت ترجمته عند دراستنا لكتب الجوامع.
وأهم ما نستطيع أن نتجه به إلى القارئ الكريم في تصوير هذا الكتاب ووصف النواحي البارزة فيه ما يأتي:
أولًا: قدم له بخطبة موجزة جدًّا لم يشرح فيها منهجه في تأليفه، ولا فائدة في بابه، على خلاف ما عودنا في سائر كتبه، ولعل وصف التلخيص للكتاب قد طغى على تلك الخطبة فحال بين المؤلف وبيان ما كنا في حاجة إلى بيانه، لإخراج القارئ من ورطة الإبهام فيما يحتاج إلى بيان من تصرفه في هذا التلخيص، ولا سيما أنه -كما يبدو- لم ينجز ما وعد به في تلك الخطبة على وجهه، فقد ذكر فيها أنه لم يغادر شيئًا مما أورده ابن الأثير في نهايته، وقد وجدناه غادر فيه أشياء عديدة، ربما يكون في تركه إياها إخلال بالمقصود من التلخيص، بتفويت ما يحتاج إليه المراجع في شرح بعض الكلمات في الحديث، وقد أوردها صاحب الأصل.
على أنه وصف هذا الملخص -بعد هذا- بأنه لم يلتزم فيه اليسير، ويا ليت شعري ما هو هذا اليسير الذي لم يلتزمه؟ إن لم يكن هناك تصرف من النساخ أو المطابع في نقل هذه العبارة التي قد يكون للسجع نفسه دخل في إيرادها على هذا الوجه المغلق.
ولعل خير ما وفى به من وعد في هذه الخطبة أنه ضم إليه قدرًا كثيرًا -أي غير قليل في ذاته وإن كان قليلًا في نسبته- من الغريب.
ولم تتناول خطبته رحمه الله أكثر من هذا القدر بعد البسملة مع حمد الله والصلاة على رسوله في أولها، والاعتصام بالله سبحانه في آخرها.
ثانيًا: الزيادات التي أشار إليها في المقدمة بقوله: وضممت إليه مما فاته الشيء الكثير ظاهرة بارزة في تلخيصه، يقع عليها المتصفح في كثير من مواد الكتاب، ومن ذلك:
١- ما أورده في كلمة "الأبد" تعليقًا على قول ابن الأثير: لأبد الأبد أي لآخر الدهر، قوله: قلت: ومثله أبد الآيدين، قاله في الصحاح١.