وهذا كتاب من كتب التاريخ الخاص برجال الحديث، وهو -كما يبدو من اسمه- مختص بالحفاظ منهم، ألفه الإمام السيوطي على ترتيب الطبقات، وأورد فيه أربعًا وعشرين طبقة، أولها: طبقة الصحابة رضوان الله عليهم، وفيها ثلاثة وعشرون صحابيًّا وبدأها بأبي بكر الصديق، ولم يترجم لواحد منهم، وثانيها: طبقة كبار التابعين، وأورد فيها أربعين تابعيًّا كبيرًا وترجم لهم، وثالثهما: الطبقة الوسطى من التابعين، وفيها ثلاثون منهم وترجم لهم، ورابعها: طبقة صغار التابعين وذكر منهم خمسة وخمسين وترجم لهم أيضًا، ثم سار في عد الطبقات واحدة تلو الأخرى مترجمًا لرجالها حتى انتهى من الطبقة الرابعة والعشرين التي ختمها بالحافظ ابن حجر المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
ولم يحدثنا السيوطي في مقدمة كتابه عنه أكثر مما جاء بهذه المقدمة -بعد حمد الله وذكرالشهادتين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم- حيث قال:
أما بعد: فهذا كتاب "طبقات الحافظ" ومعدلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتجريح، والتضعيف والتصحيح لخصتها من "طبقات" إمام الحفاظ أبي عبد الله الذهبي، وذيلت عليه من جاء بعده.
والله أسأل الإعانة، وبه العصمة والاستعانة.
بهذه الكلمات القصار قدم لنا السيوطي كتابه: طبقات الحفاظ، لم يبين فيها منهجه وطريقته ولم يزد على أن كتابه هذا تلخيص لكتاب الذهبي، وتذييل عليه بذكر من جاء بعد الذهبي من الحفاظ إلى ابن حجر العسقلاني كما رأينا في الكتاب.
فإذا رجعنا إلى كتاب الذهبي المسمى "تذكرة الحفاظ" وجدناه يقدم كتابه التذكرة أيضًا بكلمات قصار تقرب منها كلمات السيوطي في الألفاظ، وتشبهًا في المعاني، فهو يقول بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذه تذكرة بأسماء معدلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف، وبالله أعتصم، وعليه أعتمد، وإليه أنيب.
غير أنه بمقارنة الكتابين فيما احتويا من مادة، وفي تقسيم هذه المادة وتنويعها لاحظنا على كتاب:"طبقات الحفاظ" ما نورد أهمه فيما يأتي:
١- إن السيوطي في إيراده للطبقة الأولى في الكتاب قد نبع أصله للذهبي في عددها وأعيانها وترتيب أعلامها إلا في وضع سعد بن أبي وقاص، فقد جعله في ترتيب الأسماء خامسها بعد