رأيت أن تكون الكتابة في هذا الموضوع عن الكتب المتعلقة بالأنواع الثمانية الآتية، وأن يكون لكل نوع منها فصل خاص به، وأن تكون على هذا الترتيب.
كتب الأحكام، كتب الترغيب والترهيب، كتب الجوامع، كتب الزوائد، كتب توضيح المبهمات، كتب أصول الحديث، كتب التخريج، كتب الرجال.
وآثرت هذه الأنواع دون غيرها -كالعقائد وأحوال الآخرة وغيرها- لأن هذه الأنواع الثمانية ألصق بالحديث من غيرها.
وبدأت من بينها بكتب الأحكام لأنها أهم ما في كتب السنة من هذه الأنواع؛ إذ كان الجانب الأهم منها راجعًا إلى تصحيح معظم الأركان التي بني عليها الإسلام، كالصلاة والصيام والزكاة والحج، ثم إلى تصحيح المعاملات التي يتعايش الناس بها في حياتهم، ويعرف كل منهم ما له وما عليه دون غبن ولا جور، دفعًا للفساد في الأرض، ومقاومة للتعدي والبغي، وعلى وفقها يكون الفصل في القضايا والخصومات بين الناس.
وقفيت على كتب الأحكام بكتب الترغيب والترهيب؛ لأنها دون كتب الأحكام في الأهمية فهي تتجه في الجملة إلى جانب ما تتحقق به كماليات الأعمال، وما يطلب به الثواب ويتحاشى به العقاب في دار الجزاء، وهي لهذا غير متجهة إلى تصحيح العبادات والمعاملات الذي هو أهم شيء في الدين وتعاليمه.
ثم كانت كتب الجوامع في هذا العصر هي الثالثة في الترتيب؛ لأن مهمتها فيه جمع السنة، ومحاولة استقصائها أو استقصاء الأهم منها، وليس المقصود منها بيان موضوعات دينية معينة كالنوعين السابقين ولهذا كان ترتيبها على الحروف لا على الأبواب تسهيلًا للمراجعة، على أنها جاءت متأخرة في الزمن عن النوعين السابقين.
ثم تجيء بعد ذلك في الترتيب كتب الزوائد، لما أنها -كاسمها- زوائد على كتب الأصول الحديثية التي اعتبرها الناس مراجع أصلية لهم على مدى الأزمان، ولأن فيها استيعابًا أيضًا ككتب الجوامع في لون آخر من ألوان الاستيعاب، ولهذا كانت ككتب الجوامع أقل تداولًا من غيرها من كتب الحديث، ولم تتجه العناية إليها إلا في عصور متأخرة.
وأما كتب توضيح المبهمات التي جاءت في الفصل الخامس، فلأن المقصود الأهم بها هو خدمة الأحاديث النبوية التي هي موضوعات الأنواع الأربعة السابقة؛ وما شابهها، بشرح ألفاظها، أو