تبيين معانيها، أو دفع توهم التضارب عنها، وهذا شيء متأخر طبعًا ووضعًا عن وجود الأحاديث ذاتها، وقد أشرت إلى أن الشروح جاءت متأخرة في التدوين عن جمع السنة في الجملة.
وبعد الانتهاء من دراسة ما يتعلق بالحديث النبوي في الأنواع السابقة رواية أنتقل إلى ما يتعلق به دراية في الأنواع التي اخترتها لبحث بعض مؤلفاتها، وهي التي سميت بكتب أصول الحديث الذي هو فن المصطلح، فبدأت به من بين هذه الأنواع؛ لأنه هو الفن الجامع لشتاتها، والمستوعب لأبوابها فهو أصل والباقي فروع عنه، فأخذت منه أهم الكتب المؤلفة فيه وتناولتها بالدراسة.
ثم قفيت على ذلك بفرع مهم من فروع المصطلح وهو تخريج الأحاديث؛ لأن له أهميته في بيان درجة الأحاديث التي تحتاج إلى التخريج، ومنزلتها من حيث القبول والرد، وهذا أهم ما يقصد من إيراد الحديث والاحتجاج به، فلذلك بدأت به من بين هذه الفروع.
ثم أتبعت ذلك بدراسة بعض كتب الرجال، ووجهت إليها عناية تناسبها تبعًا لرجال الحديث الذين أكثروا من التأليف فيها، للتعريف بالرواة وتواريخ وفياتهم وصفاتهم إلى غير ذلك، مما يلقي أضواء على أسانيد الأحاديث التي هي الأسس والدعاثم في قبول الأحاديث والاستدلال بها.
واكتفيت من بين فروع المصطلح بهذين النوعين؛ لأن الذي سمح به مقام البحث، ولأن في دراسة كتب الرجال ما يغني عن كثير من دراسة بعض الأنواع الأخرى ككتب التجريح والتعديل وكتب الوفيات ونحو ذلك.
تلك هي وجهة نظري في الترتيب الذي رتبته بين هذه الأنواع، وفي الاكتفاء بما اكتفيت به منها.
وعسى الله عز وجل أن يكون قد وفقني في وجهة النظر فيما ذهبت إليه، وأن يوفقني في الدقة العلمية في التصوير والبحث في تحليل هذه الكتب، وفي دراستها دراسة تنفعني وتنفع القراء إن شاء الله.