للعلامة ابن العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي المتوفى سنة٩٧٣هـ:
وإنما أوردته بين كتب الحديث الخاصة بالترغيب والترهيب لأنه هو الكتاب الذي رأيناه يتمثل فيه هذا النوع من الأحاديث، ولأنه اشتمل من أحاديث الترهيب من الكبائر على ما يتعسر تحديده وتعداده لكثرته البالغة، ولما فيه من خصوبة في هذا الباب ينبغي توجيه الأنظار إليها، على أنه في الكثير من أبوابه التي يذكر أنه رتبها على أبواب الفقه الشافعي تيسيرًا على القراء كما يقول يتقدم بين يديها بإيراد كثير من الآيات القرآنية تبركًا بها، وتعزيزًا لما يورده من الأحاديث دليلًا على ما يذكره من الكبائر، ومع أنه فيما يورده من آيات يلتزم أن يفسر بعضها بالآثار من كلام الصحابة والتابعين إن احتاجت الآيات إلى التفسير ووجد إلى ذلك سبيلًا.
ولا ينبغي أن يمنعنا من إيراده هنا ما أضافه المؤلف -إلى ما أورده فيه من حديث- من تعليقات يطلق عليها اسم التنبيهات شرحًا لما ارتضاه استنتاجًا من هذه الأحاديث، وبيانًا لما وقع من خلاف في بعض دلالاتها، فإن الناحية البارزة في الكتاب ما يغمره من الأحاديث الكثيرة التي اختارها استدلالا لآرائه في تحديد نوع الكبائر، والتي تترك القارئ وهو يعتبر الكتاب من كتب الحديث ذات الشأن والبال.
والكتاب يقع في جزأين كبيرين في مجلد، وأول الجزأين في تسع وستين ومائتي صفحة، وثانيهما في أربع وستين ومائتي صفحة من القطع الكبير، تناول المؤلف فيه الكلام على اثنين وستين وأربعمائة كبيرة قسمها قسمين:
١- الكبائر الباطنة وما يتبعها مما ليس له مناسبة بخصوص أبواب الفقه، وذلك مثل كبائر الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، والغضب بالباطل، والحقد والحسد، والكبر، والعجب، والخيلاء، والغش، والأمن من مكر الله، واليأس من رحمة الله، وكتم العلم، وتعلم العلم للدنيا، وما إلى ذلك مما هو أقرب غلى علوم الصوفية ومعارفهم، وما تناول الإمام الغزالي وأمثاله دراسته ترغيبًا وترهيبًا وتوجيهًا إلى التهذيب ومكارم الأخلاق، وقد أورد من هذه الكبائر ستًّا وستين كبيرة.
٢- الكبائر الظاهرة التي رتبها على ترتيب فقه الشافعية -كما دل على ذلك في مقدمة كتابه- وذلك مثل الأكل أو الشرب في آنية الذهب أو الفضة، وكبيرة نسيان القرآن، وكبيرة الجدال والمراء -وذلك بمناسبة ذكر القرآن- وكبيرة التغوط في الطرق، وعدم التنزه من البول في البدن أو الثوب وترك شيء من واجبات الوضوء، وترك شيء من واجبات الغسل، وكشف العورة لغير ضرورة ووطء الحائض، وتعمد ترك الصلاة، ونحو ذلك من الكبائر المتعلقة بالعبادات.