[المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار]
للحافظ ابن الفضل زين الدين بعد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة ٨٠٦هـ:
وهذا الكتاب ثروة ضخمة، وثمرات طيبة، أماطت اللثام عن كثير من الأحاديث التي أوردها حجة الإسلام الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين، وفيها كثير من الغث الذي يجب التنبيه إليه، والتوجيه إلى منزلته، وهو كتاب يحوي آلافًا مؤلفة من الأحاديث النبوية الكريمة التي استشهد بها حجة الإسلام الإمام الغزالي على ما أورده في هذا الكتاب الضخم عظيم الفائدة جليل المنافع في التصوف وعلومه المختلفة، فلولا هذا التخريج من هذا الإمام العليم بالسنة، الخبير بالأحاديث خبرة فائقة لضل كثير من الناس عن سبيل الحق في تعرف الأحاديث، ومعرفة درجتها ورتبتها الصحيحة.
وقد تناول العراقي رحمه الله تعالى في مقدمة تخريجه لأحاديث كتاب الإحياء بيان السبب الباعث على تأليفه، فذكر أنه لما وفقه الله تعالى لإكمال الكلام على أحاديث علوم الدين سنة إحدى وخمسين وسبعمائة تعذر الوقوف على بعض الأحاديث، فأخر تبييضه إلى سنة ستين وسبعمائة وهو يريد بذلك رحمه الله أن يتحدث عن التخريج المطول الذي قد تعورف في الأوساط الحديثية ولكنه لم يصل إلينا، وكأنه يريد بإكماله أنه فرغ من تخريج ما انتهت إليه معرفته من الأحاديث الواردة فيه من أوله إلى آخره، بدليل أنه أكمله -كما يقول- ثم قال: إنه منذ سنة ستين ظفر بكثير مما عزب عنه علمه، ثم شرع في تبييضه في مصنف متوسط الحجم، وهو مع ذلك متباطئ في إكماله حتى ظفر بأكثر ما كان لم يقف عليه، ثم تكرر السؤال من جماعة في إكماله، فأجاب إلى ذلك وبادر إليه، ولكنه سلك مسلك الاختصار الشديد، ليسهل تحصيله وحمله في الأسفار.
فعبارة الحافظ التي تقول: إنه ظفر بأكثر ما كان لم يقف عليه تدل على أنه لم يستوعب جميع الأحاديث بالتخريج، بل ترك منها بقية للمتعقب، وقد تحقق هذا التعقب للإمام الحافظ قاسم بن قطلوبغا المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة، فظفر بما فات الإمام العراقي، ووضع كتابًا سماه تحفة الأحياء بما فات من تخريج الإحياء -كما أشرنا إلى ذلك في موضعه- ولعله استوعب فيه جميع ما فاته، وعسى الله أن يوفق من يعنون بأمر السنة الكريمة إلى إخراج هذا المستدرك ونشره كما نشر أصله.