ثالثًا- ما اختص المتأخرون بالتأليف فيه نورده مرتبًا على النحو التالي:
١- جمع السنة من كافة مظانها الصحيحة في مؤلف واحد رغبة في تقريبها وجعلها في المتناول، وإذا كان الأقدمون قد بذلوا أقصى الجهد في تجميع السنة في موضوعات حديثية مختلفة تناولت سائر أمور الدين فإن المتأخرين قد استفادوا من عمل أولئك الذين سبقوهم، وجمعوا كثيرًا من نتاج هذه المجهودات في كتب أعدوها وقربوا بها السنة للناس، حتى لا يكلفوهم عناء الرجوع إلى مصادرها المتعددة، وقد بدأت هذه المحاولات في نهاية العهد الأول عندما ألف أبو الحسن رزين العبدري السرقسطي في الصحاح والسنن كتابًا جمع فيه بين الأصول الستة: البخاري ومسلم والموطأ والسنن الثلاثة لأبي داود والترمذي والنسائي، ثم جاء بعده أبو السعادات المبارك ابن الأثير الجزري فألف كتابه جامع الأصول من أحاديث الرسول، زاد فيه كثيرًا على كتاب رزين في عشرة أجزاء، واختصره ابن الديبع الشيباني الزبيدي اليمني في كتابه تيسير الوصول إلى جامع الأصول في مجلدين، وألف عبد الله بن عتيق التجيبي المتوفى سنة ست وأربعين وستمائة كتابه أنوار المصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح، كما جمع بين الأصول الستة ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلى والمعجم الكبير -وربما زيد عليها من غيرها- المسند الكبير الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير المتوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة في كتابه المسمى جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن، رتبه على حروف المعجم يذكر كل صحابي له رواية ثم يورد في ترجمته جميع ما وقع له في هذه الكتب وما تيسر من غيرها.
ولم تزل محاولات العلماء لجمع السنة في إطار واحد مستمرة رغبة في استيعابها، فجمع الحافظ نور الدين الهيثمي أحاديث الغيلانيات والخلعيات وفوائد تمام وأفراد الدارقطني مع ترتيبها على الأبواب في مجلدين، وألف الحافظ السيوطي كتابه جامع المسانيد وجمع الجوامع والجامع الصغير وألف الشيخ الحافظ محمد بن سليمان المغربي الروداني صاحب كتاب صلة الخلف بموصول السلف المتوفى سنة أربع وتسعين وألف كتابه جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد اشتمل على الصحيحين والموطأ والسنن الأربعة ومسند الدارمي ومسند أحمد ومسند أبي يعلى ومسند البزار ومعاجم الطبراني الثلاثة.
٢- كتب التخريج، وهي مؤلفات ظهرت بعد تجريد السنة من الأسانيد، وبعد ظهور كتب عديدة في الفقه والتصوف والعقائد والتفسير كان أصحابها يقحمون الأحاديث في كثير من أبوابها، فكان لا بد من تخريج هذه الأحاديث بعزوها إلى أصولها، وبيان قيمتها ورتبتها، ليكون القارئ على بينة من أمره فيها، فكانت تلك المؤلفات في التخريج، وكان منها تخريج المختصر الكبير لابن الحاجب لمحمد بن عبد الهادي المقدسي المتوفى سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ومنها المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ العراقي، ومنها التلخيص