استدل بها فقهاء الأمة الإسلامية على ما اتجه إليه كل منهم في الأحكام الفرعية العملية المتعلقة بأفعال المكلفين، مما وصل إليه من أدلة السنة، سواء أكانت أفعال المكلفين هذه عبادات أم معاملات أو غيرها، وسواء أكانت الأحاديث تفصيلًا لمجمل الكتاب، أم تفسيرًا لما أبهم فيه، أو كانت أحاديث تستقل بالتشريع، قولية كانت أو فعلية.
وقد اتجهت عناية الأئمة إلى أحاديث الأحكام، وأفردت لها كتب خاصة بها -اعتناء بشأنها- لتوقف تصحيح كثير من الأعمال أو كمالها على معرفتها، ولتعرف إذن الشارع في بعض الأفعال أو عدم إذنه فيه، وإن كان بعض هذه الكتب قد مزج ما فيها من أحاديث الأحكام بآثار الصحابة وفتاوى بعض التابعين.
ولئن كنا قد تناولنا بعض هذه المؤلفات بالدراسة من غير تقيد بالزمان ولا بالمكان، فمرجع ذلك إلى رغبتنا في إيضاح تسلسل الربط بين الماضي والحاضر، واعتبارنا هذه الكتب هي الدعامة التي بنيت عليها مدرسة الحديث في مصر، وهي المراجع الأصلية التي تتلمذ عليها علماؤها الأعلام في هذا النوع من أحاديث الأحكام.
فلنبدأ -باسم الله وعلى بركته- في دراسة أشهر ما وقفنا عليه من هذه المؤلفات، موجزين فيما يستحق الإيجاز مما اعتبرناه منها أساس لموضوع البحث، متوسعين -بعض الشيء- فيما عدا ذلك مما هو من موضوعه الأصيل، والله المستعان.