للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما يجب العمل به منها، لما يشهد به الكتاب الناطق، والسنة المجتمع عليها، وأجعل لذلك أبوابا أذكر في كل كتاب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ، وتأويل العلماء، واحتجاج بعضهم على بعض، وإقامة الحجة لمن صح عندي قوله منهم بما يصح به مثله من كتاب أو سنة أو إجماع أو تواتر في أقاويل الصحابة أو تابعيهم.

ثم يقول: وإني نظرت في ذلك وبحثت عنه بحثًا شديدًا، فاستخرجت منه أبوابا على النحو الذي سأل، وجعلت لذلك كتبًا، ذكرت في كل كتاب منها جنسًا من تلك الأجناس، فأول ما ابتدأت بذكره من ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطهارة.

وهو بهذه المقدمة الموجزة قد وضح المنهج الذي سلكه في كتابه هذا، من إيراد الآثار التي وصل إليها بعد البحث والتقصي خاصة بالأحكام، ولا سيما التي وقع فيها توهم لبعض الزائغين من تناقض يريدون به أن يرفضوا الأخذ بتلك الآثار، فهو بمسلكه هذا قد دعمها، وبين طريق الاستفادة منها بقدر ما وصل إليه اجتهاده، وانتهى إليه رأيه، وأنه قسم تلك الآثار أبوابا بحسب ما يندرج تحت كل باب من نوع معين من تلك الأحكام.

وهو لا يفرق بين الباب والكتاب في عبارته في المقدمة، وإنما يريد ما يندرج تحت نوع معين من الأحكام المتماثلة، وإن كان في مسلكه يصنع ما يصنعه غيره من المؤلفين فيعبر بالكتاب وهو يريد ما يشمل أبوابًا متعددة، فهو يقول مثلًا: كتاب البيوع، ثم يقول: باب بيع الشعير بالحنطة باب بيع الرطب -باب تلقي الجلب- باب خيار الرؤية. ويقول: كتاب الهبة والصدقة ثم قال: باب الرجوع في الهبة باب هبة بعض الأولاد ... إلخ.

والإمام الطحاوي لا يختلف عن غيره ممن ألفوا أحاديث الأحكام، من حيث إنه يوردها مفصلة بحسب الكتب والأبواب الفقهية في الجملة، وأنه وإن كان يختلف عن أبي داود في أنه يبرز شخصيته في كل موضوع من الأحكام، ويتدخل -بعد ذكر المتن وسنده- شارحًا ومعلقًا، وموفقًا بين ما يبدو للبعض في الأحاديث من تضارب، ومنتصرًا لمذهبه الذي ارتضاه بسوق الأدلة لتأييده فإنه يشبهه في إكثاره من إيراد الأبواب كثيرة التجزئة، كما رأينا في كتاب الطهارة الذي أورد في ضمنه باب سؤل الهر، باب سؤل الكلب، باب سؤر بني آدم، باب التسمية على الوضوء، باب الوضوء للصلاة مرة مرة وثلاثا ثلاثا ... وهكذا، ثم يقول في كتاب الصلاة: باب الأذان كيف هو باب الإقامة كيف هي، باب قول المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، باب التأذين للفجر أي وقت هو ... وهكذا إلى أن يقول: باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، باب القراءة في الظهر والعصر، باب القراءة في صلاة المغرب، باب القراءة خلف الإمام.

وقد طبع الكتاب أخيرًا في القاهرة عام ثمان وثلاثمائة وألف للهجرة طبعته مطبعة الأنوار المحمدية في أربعة أجزاء مختلفة الحجم، بلغت في مجموعها خمسا وأربعين وخمسمائة وألف صفحة من القطع الكبير.

<<  <   >  >>