للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعجيلًا لصلاة العصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أبعد رجلين من الأنصار دارًا من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو لبابة بن عبد المنذر أخو بني عمرو بن عوف، وأبو عيسى بن خير أحد بني حارثة: دار أبي لبابة بقباء، ودار أبي عبس في بني حارثة، ثم إن كانا ليصلينان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم يأتيان قومهما وما صلوها لتبكير رسول الله صلى الله عليه وسلم بها".

وبعد أن أورد هذا الحديث عن أنس بأسانيد متعددة وروايات مختلفة يستدل منها على التعجيل بصلاة العصر قال: وأما ما روى الزهري عن أنس رضي الله عنه فإنه قال: "كنا نصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نأتي العوالي والشمس مرتفعة" فقد يجوز أن تكون مرتفعة قد اصفرت، ثم قال: فقد اضطرب حديث أنس هذا لأن معنى ما روى الزهري منه بخلاف ما روى إسحاق بن عبد الله، وعاصم بن عمرو وأبو الأبيض عن أنس رضي الله عنه، ثم روى حديثًا عن غير أنس، رواه عن أبي أروى قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر بالمدينة ثم آتي الشجرة ذا الحليفة قبل أن تغرب الشمس، وهي على رأس فرسخين "وفي رواية أخرى عن أبي أروى أيضًا: "كنت أصلي العصر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمشي إلى ذي الخليفة فآتبهم قبل أن تغيب الشمس".

قال: وأما قوله قبل أن تغرب الشمس فقد يجوز أن يكون ذلك وقد اصفرت الشمس ولم يبق منها إلا أقل القليل، ثم روى ما يؤيد ذلك من حديث ابن مسعود قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر والشمس بيضاء مرتفعة، يسير الرجل حين ينصرف منها إلى ذي الحليفة ستة أميال قبل غروب الشمس".

ثم روى عن أنس مرة أخرى: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر والشمس بيضاء محلقة" روى هذا الحديث عن أنس تأييدًا لتأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر، ثم لا يكون بين صلاته صلى الله عليه وسلم وبين المغرب إلا بمقدار ما يسير الرجل إلى ذي الحليفة، ثم روى حديثًا آخر عن أنس أنه سئل عن مواقيت الصلاة فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر ما بين صلاتيكم هاتين" واستدل منه ومما سبقه على أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخرها.

ثم تساءل المؤلف كيف يتفق هذا وقد روى عن أنس رضي الله عنه حديثًا في ذم من يؤخر العصر؟ وروى حديثه في هذا، وبين أنه في التأخير المكروه الذي لا يتمكن معه مصليها من أدائها على وجهها، ولا يستطيع فيها أن يذكر الله متمكنًا قبل أن تتغير الشمس.

ثم قال: فأما صلاة يصليها متمكنًا، ويذكر الله تعالى فيها متمكنًا قبل تغير الشمس فليس ذلك من الأول في شيء.

<<  <   >  >>