للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- في ذكر النار وما يتعلق بها.

٤- في الجنة ونعيمها.

وفي الحق لقد جاء هذا الكتاب نفيسًا وافيًا، وقيمًا كافيًا، ما رأينا ولا سمعنا له بضريب في تحقيقه واستيعابه، وما فيه من صور الأمانة والدقة والإخلاص للعلم، لولا هنات يسيرة وقعت فيه، ترجع إلى تساهله -وهو أولى الناس بالتحقيق- في بيان مراتب كثير من الأحاديث التي أوردها مما يحتاج إلى ذلك، وإن كان قد نبه إلى مصادرها، والمراجع التي أخذها منها.

وإنما قلنا: يترك بيان كثير من الأحاديث لأنه أحيانًا ينبه إلى ذلك ولا يغفله، فقد جاء في التعليق على الحديث الذي أوله: "كان صلى الله عليه وسلم بقباء وكان صائمًا١ ... " الحديث قوله: قال شيخ الإسلام الزين العراقي: قال الذهبي في الميزان: إنه خبر منكر، وكما جاء أيضًا في تعليقه على خبر أوله: "كان صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه في بيت يأكلون٢ ... " إلى أن يقول: "فما مات هذا الرجل حتى كانت به زمانة" كذا في الإحياء، قال شيخ الإسلام الزين العراقي: لم أجد له أصلًا والموجود حديث أكله صلى الله عليه وسلم مع مجذوم. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال: غريب، وكتعليقه في نفس الصفحة على حديث: "أربع لا يعطيهن الله إلا لمن يحب ... " بقوله رواه الطبراني والحاكم بلفظ: "أربع لا يصبن إلا بعجب" وقال الحاكم: صحيح الإسناد، واعترض بأنه فيه من قال ابن حبان في حقه: إنه يروي الموضوعات ثم روى له هذا الحديث.

وهذا مسلك واضح في بيان مرتبة الحديث عند أهل الشأن.

ونستطيع أن نسجل أن المؤلف -في كتابه هذا- لا يلتزم حالًا واحدة في تقويم الأحاديث بل نراه كثيرًا يفرط بترك التقويم، وتارة يبالغ في أمره، وأحيانًا يتوسط، ولعل مما يبرر له ترك التقويم -أحيانًا- أنه يعتمد على كثرة ما يورده في الاستدلال، وأنه يعزو بعض ما يورده إلى ما ثبتت صحته من كتب السنة، كالصحيحين أو أحدهما، وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة، ولا سيما أنه بنى الكتاب على الاختصار الدقيق، حتى إنه كثيرًا ما يحذف الراوي، وكثيرًا ما يحذف اسم النبي صلى الله عليه وسلم اعتمادًا على أنه يروي أحاديث، وأنه يريد أن يفسح المجال لذلك الطوفان الذي قدمه للقراء من الأحاديث جهد طاقته، فجزاه الله خيرًا وتغمده برحمته ورضوانه.


١ الزواجر ج١ ص٧٧.
٢ الزواجر ج١ ص٧٨.

<<  <   >  >>