للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وفي هذا المقام نستطيع أن نسجل أن حرص المؤلف على الاختصار متنا وتخريجًا وتقويمًا أعانه على ضبط الكتاب وسرعة إخراجه وتقديمه إلى الدارسين أكثر تهذيبًا، وأعظم ترتيبًا، وأقرب تناولًا، وأيسر تداولًا، حتى إنه -مع ما وصف به من أنه مختصر من الجامع الكبير- كتب له الظهور قبل الجامع الكبير الذي وصف بأنه أصل لهذا الصغير، وقد أعيا على الباحثين إخراج هذا الأصل بعد أن ظل مختفيًا زهاء خمسة قرون.

٤- كما نستطيع أن نسجل أيضًا أنه يبدو لنا أن المؤلف على طريقته في توزيع المجهودات وملاحقة المؤلفات كان يشتغل بوضع الكتابين معًا في وقت واحد قبل اعتراض ما يحول دون تحقيق أمانيه: من ضعف يقعده عن العمل، أو موت مفاجئ، ولعل هذا هو السبب فيما وقع من وجود بعض أحاديث في الجامع الصغير ليس لها وجود في أصله الجامع الكبير، وقد بينت ذلك -مشكورة- لجنة تحقيق الكبير فيما أخرجته من أعداد، وأوردت بالفعل نصوص تلك الأحاديث بأرقامها من الجامع الصغير من النسخة التي طبعت مرقمة لأحاديث هذا الكتاب.

٥- كما نسجل أن هناك مشابه بين الجامعين، ولا غرابة في ذلك وقد خرجا من منبع واحد، فطريقة العرض مشتركة في الجملة: فكل منهما يبدأ بإيراد لفظ الحديث ثم يخرجه بالرموز -وإن اختلفت بعض الاختلاف الذي سنبينه- ثم يورد كل منهما راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مع بيان وقفه إن كان، وأن هناك اختلافات بينهما قد يكون مردها إلى الاستيعاب في أحدهما والاختصار في الآخر، فالجامع الكبير كثيرًا ما يورد الأحاديث المطولة على عكس الجامع الصغير -كما أشرنا إلى ذلك- وفي تخريجه لأحاديث الكبير يحاول الاستيعاب حتى يصل في تخريج الحديث الواحد إلى صفحة أو يزيد، وقد يكون المتن مع ذلك سطرًا أو أقل، ولا نظير لذلك أبدًا في الجامع الصغير.

٦- على أن رموز التخريج في الجامعين مختلفة في الجملة، فمنها رموز يذكرها المؤلف في الجامع الصغير ولا يذكرها في الكبير وذلك مثل "ق" للشيخين و"٤" لمن عدا الشيخين من الستة و"٣" لهم إلا ابن ماجه، و"خد" للبخاري في الأدب، و"تخ" له في التاريخ.

كما أن منها رموزًا ذكرها في الجامع الكبير لتقويم الأحاديث فلم يستعلمها في الكبير اكتفاء بما أورده من قواعد لهذا الخضم الحافل من كتب التخريج.

٧- أنه بالنسبة للكتب التي نص على صحتها لا يقوم أحاديثها اكتفاء بهذا النص، وبالنسبة للكتب التي نص على ضعفها لا يقوم أحاديثها اكتفاء بهذا النص أيضًا، أما الكتب التي خلطت بين الصحيح والحسن والضعيف فإنه بينها غالبًا بالكلمات لا بالرموز.

<<  <   >  >>