وهذا الحكم أيضًا صحيح، فقد لمسناه في رمزه بحرف النون للقضاعي، فإنه لا يناسب المرموز له، ولا معنى لذكر حرف النون مرة ثانية بعد أن رمز به للنسائي قبل ذلك.
ونعود إلى وصف الكتاب بأنه لون من ألوان جمع السنة، وأن من مظاهر هذا اللون فيما لمسناه من الكتاب ما يأتي:
١- من الواضح أن المؤلف اختار أحاديثه قصارًا لا يتجاوز كل منها مع تخريجه نصف السطر، خلافًا لما رأيناه من طريقة الجوامع في هذا العصر من جمع الأحاديث الطوال إلى جانب المتوسطة والقصار، على التصوير الذي بيناه في كل من الجامعين الكبير والصغير.
٢- أكثر المؤلف من المراجع الحديثية وإن لم تكن ملتزمة الصحة أو الحسن، بل إن بعضها مورد للأحاديث الضعيفة والمنكرة كالديلمي وابن النجار وابن عساكر، وقد فعل ذلك تنفيذًا لما التزمه من التقيد بهذه الأحاديث القصيرة، ليمكن قراءتها بالطول وبالعرض وبنصفه، ومن أعلى إلى أسفل وعكسه كما أراد.
٣- يتفق مع كل من الجامعين الكبير والصغير في كثير مما اختاره من رموز للمراجع الحديثية، كما وضع رموزًا جديدة لمن ذكرهم السيوطي بالاسم في كل من الجامعين ويتبين ذلك فيما يأتي:
"خ" للبخاري في صحيحه، "م" لمسلم، "ق" لهما، "د" لأبي داود، "ت" للترمذي "ن" للنسائي، "هـ" لابن ماجه، "٤" لهؤلاء الأربعة، "٣" لهم إلا ابن ماجه، "حم" للإمام أحمد في مسنده، "ما" للإمام مالك في الموطأ، "عم" لابن الإمام احمد، "ك" للحاكم، "خد" للبخاري في الأدب، "تخ" له في التاريخ، "ضا" للضياء المقدسي في المختارة "ط" للطبراني، "بز" للبزار، "عب" لعبد الرزاق، "ش" لابن أبي شيبة، "ع" لأبي يعلى الموصلي، "قط" للدارقطني، "فر" للديلمي، "حل" لأبي نعيم، "هق" للبيهقي، "عد" لابن عدي، "عق" للعقيلي، "خط" للخطيب البغدادي، "كر" لابن عساكر، "قا" لابن قانع، "أبو" لأبي الشيخ ابن حبان، "ن" للقضاعي، "سع" لابن سعد في الطبقات، "خر" للخرائطي، "طيا" لأبي داود الطيالسي، "حك" للحكيم الترمذي في النوادر، "نجا" لابن النجار، "حا" للحارث في مسنده، "عبد" لعبد بن حميد، "يا" لابن أبي الدنيا القراشي، "سن" لابن السني، "شير" للشيرازي، "يه" لابن مردويه، "نيع" لابن منيع، "غز" للغزالي، "ضر" لابن ضريس.
ومن عرض هذه الرموز ترى أنه اتفق مع الجامعين في كثير منها، وأنه استقل بوضع رموز جديدة لمن كان يذكرهم السيوطي بالأسماء في جامعيه: كابن سعد والحكيم الترمذي وعبد بن حميد وتلك ضرورة ألجأته إليها رغبته في الاختصار الشديد في التخريج كما اختصر في المتون تحقيقًا لما التزم به من عدم إيراد حديث أكثر من نصف سطر متنًا وتخريجًا، كما أنه لبس بعض الرموز ببعض، فذكر النون مرة، رمزًا للنسائي وأخرى للقضاعي، وإن كان صاحب الرسالة المستطرقة يبين أن ذلك من تحريف النساخ.