ولا يخلو الأمر -مع عناية علماء المسلمين بالسنة واهتمامهم بها- من أن تكون لهذه الكتب نظائر لمؤلفين من علماء الحديث في الأقطار الإسلامية، ولكن الأستاذ المحقق يريد الربط الإجمالي العام ليكون مدخلًا لموضوع كتاب المطالب العالية وصلته بالجوامع من كتب السنة، فهو لهذا يقول: ثم تلا ابن الأثير الحافظ نور الدين الهيثمي في تصنيف كتابه مجمع الزوائد، مبتغيًا من تأليفه إضافة حلقة أوسع أحاطت بستة كتب أخرى -وذكرها- وقد قدمنا الكلام على ذلك عند دراستنا لذلك المجمع الهيثمي بما اتسع له المقام.
ونحن نتفق مع الأستاذ المحقق في أن كتاب المطالب العالية يدخل في دائرة المحاولات لتجميع السنة النبوية في صعيد واحد، ونرى أن الحافظ ابن حجر -بنقله عن هذه المسانيد- أضاف إلى الكتب المتداولة مع زوائد شيخه الحافظ نور الدين الهيثمي ما يرى باجتهاده أنه يحقق الغرض من تلك المحاولة الكريمة، فإنه أضاف إلى كتب السنة المتداولة ما لم يضفه شيخه إليها.
وقبل أن نتناول هذا الكتاب بالدراسة ينبغي أن نتقدم بتمهيد نبين به الظروف التي أحاطت بإخراج تلك النسخة المطبوعة، والتي لا يمكن البت بأنها -على هذا الوجه- من وضع الإمام الحافظ ابن حجر، ولا يمكن الحكم بأنه صاحب ما وقع فيها من التصرفات، مع إمكان القطع بأن المتن المجرد -وحده- للإمام الحافظ ابن حجر.
وبناء على هذا، فإن دراستنا لهذا الكتاب ستكون بالنسبة لهذه النسخة التي وصلت إلينا مطبوعة دون حكم على المؤلف نفسه بما هو فيه من نقص أو تقصير.
وبيان ذلك -كما استقينا من واقع دراسات الأستاذ المحقق وجولاته بين تلك النسخة المخطوطة التي اختيرت من بينها هذه المطبوعة للنشر أن الأستاذ المحقق أفاد بما خلاصته: أنه بحث عن كتاب المطالب في مكتبات الهند والحجاز، فلم يظفر به إلا في المكتبة السعيدية بحيدر أباد عام ثمان وخمسين وتسعمائة وألف، لكن هذه النسخة كانت عبارة عن النصف الأول من الكتاب ... إلى أن قال: إنه ظفر نسختين أخريين في المكتبة العلمية بالمدينة المنورة إحداهما المخطوطة المسندة، والثانية المخطوطة المجردة، أما المسندة فقد نسخت ستة عشر ومائة وألف للهجرة، وهي مصورة عن نسخة في إحدى مكتبات تركيا، وذكر أن تصويرها لم يكن واضحًا؛ لأنه اختير تصويرها بحجم أصغر من أصلها مع وجود تصحيفات وتحريفات فيها فجاءت غامضة صعبة القراءة والإفادة، ولكنه تجلد وتصبر حتى أفاد منها في تحقيق الكتاب، وأما المجردة فهي مصورة من إحدى مكتبات تركيا ولكنها أوضح من المسندة، وقد كتبت عام اثني عشر ومائة وألف للهجرة، وذكر المحقق أن القائم بتجريد الكتاب من أسانيده ليس في المخطوطة ما يصح معه الجزم بتعيينه، وغالب الظن أنه كاتب النسخة نفسه، وذكر أن كاتبي النسختين شخصان مختلفان، ثم وازن بين المجردة والمسندة فقال: إنه لا فرق بينهما إلا حذف أسانيد الحديث في المجردة مع الإبقاء على اسم الصحابي فقط دون كلمة "عن" أو غيرها، ولكن