وفي بيان المعاني ذكر المراد بالرجل السائل، وبين في كلمة أو قال إنها شك من الراوي وما في ذلك من خلاف، وفي اعرف عفاصها ووكاءها أنها وردت في بعض الطرق من غير شك، ثم ذكر العلة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بمعرفة العفاص والوكاء، وفي قوله: ثم عرفها بين أن فيه حذفًا أي للناس، وبم يكون التعريف، وما عدته ... وأطال في ذلك، ثم ذكر السر في الإتيان بثم في قوله:"ثم استمتع" وبين في قوله: "فغضب" وأطال فيه.
ثم انتقل إلى بيان البيان، وذكر أن فيه التشبيه للإبل بمن كان معه حذاء وسقاء في السفر، وانتقل بعد ذلك إلى البديع، وبين أن فيه جناسًا ناقصًا في اعرف وعرف، وهل يستوي الحرف المشدد مع الحرف المخفف.
وبعد ذلك انتقل إلى استنباط الأحكام، فذكر وجوهًا كثيرة جدًّا. وأطال فيها، وكان استنباط الأحكام من هذا الحديث فيما يقرب من ثلاث صفحات من القطع الكبير.
وواضح أن استنباط الأحكام هذا هو أهم ناحية في عرض السنة وشرحها للناس، أما تلك النواحي الأخرى التي بلغت نحوًا من ثلاث صفحات أخرى فقد كان يمكن الاقتصار فيها على أقل القليل حتى يصل طالب المعنى إلى بغيته من أقرب طريق.
ولعل فيما عرضناه من طريقته في الموضوعين اللذين أوردناهما ما يلقي ضوءًا مسفرًا على ما وصفنا به الكتاب من البسط في أوائله.
وأما أواخره، فإنها لم تكن على هذا الوجه من البسط ولا ما يقرب منه، فليس فيها تلك العناوين الكثيرة، وإن كان فيها بعض ما يندرج تحت هذه العناونين دون ذكرها، ولكن مع الإيجاز والاختصار البين، ولو أنه سلك هذا المسلك من أول الكتاب لكان أنفع لطالب الحديث، وأعون على تعجيل المنفعة وتيسيرها للراغب في السنة الذي يريد أن يستغني بأقل القليل مما أطال به المؤلف في غير جوهر الحديث ونواحيه الدينية الأصلية، وإليك مثالين من صنعه في آخر الكتاب:
في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال١:"تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده، كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر نزلًا لأهل الجنة"، فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال:"بلى". قال: تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: إدامهم بالأم ونون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل من زئادة كبدها سبعون ألفًا.