وأن قوله يخطب قيد في بعض الروايات بيوم الجمعة، وأنه ورد في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم التفت، وبين أن قوله قائم صفة لرجل، وأنه مقيد في بعض الروايات بأنه قائم في الشمس، وفي بضعها بأنه قائم يصلي، وذكر في أبي إسرائيل رواية أبي داود "هو أبو إسرائيل وما زاده كل من الخطيب والكرماني في وصفه، وما أورده ابن الأثير في وصفه أيضًا وما ترجمه به ابن عبد البر.
ثم انتقل إلى بيان المراد بكلمة مره، ومرجع الضمير في مره، ثم إلى تعليل قوله صلى الله عليه وسلم: "ليتم صومه" ثم إلى ما يستفاد من الحديث من كونه يدل على أن السكوت عن المباح ليس بطاعة، وكذلك الجلوس في الشمس وكل ما يتأذى به الإنسان، وإنما الطاعة ما أمر الله به ورسوله.
وكل هذا الشروح في نصف صفحة من هذا الكتاب.
ولعلك ترى أنه اقتصر في هذا الحديث على قدر الضرورة أو ما هو أقل من ذلك، وكان بوسعه فيه أن يورد من التفصيلات ما يروي ظمأ القارئ فيما يجب الوفاء به وما لا يجب من النذر، ولعله اكتفى بذكر شرحه لأحاديث أخرى في هذا المعنى قبل هذا الحديث، قد يستفيد بها القارئ لو ضم بعضها إلى بعض متونًا وشروحًا، غير أننا أردنا أن نعرض بعض ما وقع لنا في أواخر الكتاب كما عرضنا بعض ما وقع لنا في أوله.
وأرجو ألا يكون ما وصفنا به صاحب عمدة القارئ من الإطالة والبسط في أول الكتاب والاختصار والإيجاز في آخره مما قد يبدو لوثه في تأليفه، أو عيبًا في تصنيفه، ولعله يكون أقرب إلى النصح للأمة، والإخلاص للقارئ منه إلى غير ذلك، فإن الإطناب في أوائل الكتب أمر يتقدم به المؤلفون لشحذ الملكات واستنهاض الهمم، لمجاراة الإثراء من الثقافة، والتضلع من مختلف المواد والفنون، وقد رأينا الكثرة الكاثرة من المؤلفين في التفسير وشروح السنة يتنهجون هذا المنهج، فإذا كان قد بسط في أول الكتاب فإن ذلك لمزيد التزويد من الثقافة، وإذا كان قد أوجز في آخره فإن ذلك للاكتفاء بما سبقت دراسته في أوله، ولعلنا قد رأينا أن في اختصاره في آخر الكتاب ما لا يخل بالمطلوب من الشرح، وبيان أهم النواحي المنشودة فيه.
ومهما يكن فإننا نسأل الله للإمام العيني بما نصح به لهذه الأمة، وقدم لطلاب الحديث من إحسان ومنه، أن يجزيه أحسن الجزاء، وأن ينفع به وبسائر مؤلفاته، إنه سميع قريب.