للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجمع كتاب تعرف به أنواع علم الحديث، وأنه أوضح أصوله، وشرح وقواعده، وجمع شتاته، وقنص شوارده.

وقد وصف شيخ الإسلام ابن حجر هذا الكتاب في نخبته١ بأنه جاء بعد التآليف العديدة والمصنفات الكثيرة في هذا الفن، فهذب فنونه، وأملاه شيئًا فشيئًا، فلم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب، وأنه اعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ... إلخ.

وهذا وصف إمام درس ونقب، وأحاط معرفة بكنه ما يقول، وإن كان الشيخ ابن الصلاح لم يسمح لنا بهذا التصريح المريح، المفيد فائدة كبرى لمتتبع الفن الذي يحاول معرفة تطوره وكيف كان التأليف فيه.

ومهما يكن فقد فهرس ابن الصلاح أنواعه الخمسة والستين بما نذكره في غير هذا الموضع عند الحديث. عن التقريب الذي اختصره النووي فيه مختصرة الإرشاد.

التقييد والإيضاح:

وجاء الإمام العراقي، وهو الحافظ أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين الذي تقدمت ترجمته عند دراسة كتابه تقريب الأسانيد وشرحه المسمى بطرح التثريب من بين كتب الأحكام في الحديث.

وهو إمام ضليع في علوم الحديث ضلاعة يعرفها كل من زاول هذا الشان وعرف رجاله، فأراد أن يضع على مقدمة ابن الصلاح نكتًا لم تكن شرحًا كسائر الشروح التي يفرغ فيها المؤلف كل ما في جعبته، ويطرح بها كل ما في حقيبته، وإنما هي مجرد نكت في أمور رأي وجوب التنبيه عليها، وذلك حتى لا يشغل القارئ عن فحص هذا الكتاب القيم، والعكوف على دراسة ما فيه من معارف جليلة.

وقد أورد في مقدمة هذه النكت ما يدل على عظيم تقديره لذلك الكتاب، وعن منهجه اللطيف القيم فيما أسماء تعليقًا عيه إذ يقول: إن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة الاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح، جمع فيه غرر الفوائد فأوعى، ودعا له زمر الشوارد فأجابت طوعًا.

وهذه شهادة إمام جليل في الفن تزيد من قيمة الكتاب، وتعلن برفعة المؤلف فوق ما عرف له من مكانة.


١ نخبة الفكر ص٢.

<<  <   >  >>