للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن وأن لصيغة أن، ولكن لمعنى آخر أذكره ... وساق الحديث الذي يدل على ذلك المعنى ولا يدل على التفرقة بين عن وأن كما فهم ابن الصلاح.

٨- قال ابن الصلاح في معرفة الأكابر من الرواة من الأصاغر: وقد صح عن عائشة أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم١.

فقال العراقي: جزم المصنف بصحة حديث عائشة، وفيه نظر، فإن مسلمًا رحمه الله ذكره في مقدمة الصحيح بغير إسناد وبصيغة التمريض فقال: ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ... وذكر الحديث، وقد رواه أبو داود في سننه ثم قال: ميمون بن أبي شبيب "الراوي عن عائشة" لم يدرك عائشة، فلم يسكت عليه أبو داود بل أعله بالانقطاع، ثم قال: ولكن المصنف تبع في تصحيحه الحاكم، وليس فيه حجة للمصنف، فإن المصنف لا يرى ما انفرد الحاكم بتصحيحه صحيحًا.

وطعن فيه أيضًا بأن البزار قال في مسنده بعد أن خرجه: لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه. وأورد عدة مناقشات في هذا المقام ثم قال: ولكن المؤلف لما رأى مسلمًا روى في مقدمة صحيحه حديثه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" حمله على الاتصال اكتفاء بمذهب مسلم، ومسلم إنما رواه استشهادًا، بعد أن رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سمرة، وحكم عليه مسلم بأنه مشهور، والشهرة لا تلازم الصحة، فقد يكون المشهور صحيحًا وقد يكون ضعيفًا. وانتهى إلى أن هذا الحديث لا يصح إسناده تخطئة لابن الصلاح في دعواه.

٩- قال ابن الصلاح في المدبج: اعلم أن رواية القرين عن القرين تنقسم: فمنها المدبج، وهو أن يروي القرينان كل واحد منها عن الآخر، مثاله في الصحابة عائشة وأبو هريرة روى كل منهما عن الآخر٢.

فقال العراقي: إن تقييد المصنف للمدبج بالقرينين إذا روى كل منهما عن الآخر تبع فيه الحاكم في علوم الحديث، ثم قال: إن الأمر ليس على ما ذكراه، إنما المدبج أن يروي كل من الراويين عن الآخر سواء أكانا قرينين أو أحدهما أكبر من الآخر، فتكون رواية أحدهما عن الآخر من رواية الأكبار عن الأصاغر.

ثم ذكر أن صاحب التسمية الأولى للمدبج -وهو الدارقطني- لم يتقيد بكونهما قرينين، بدليل أنه ذكر فيه رواية أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر، ورواية عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية النبي صلى الله عليه وسلم عنه


١ التقييد والإيضاح ص٣٢٨.
٢ التقييد والإيضاح ص٣٣٣.

<<  <   >  >>