للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا سار بهذا المسلك المنطق الدقيق المنضبط الجامع الحاصر لأهم ما يلزم معرفته في هذا العلم.

وتطرق في دراسته إلى بيان حقيقة الصحابي، والفرق بين المرفوع، والموقوف والمقطوع، ثم إلى مباحث أخرى كاتفاق الرواة في الأسماء والأوصاف أو اختلافهم، وما يتصل بذلك، ثم إلى بيان مراتب كل من الجرح والتعديل.

وختم هذا الكتيب ببيان معرفة الكنى -كنى المسمين- وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن اختلفت كنيته، ومن كثرت كناه أو نعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه أو بالعكس. وما إلى ذلك مما وضع فيه كثير من المؤلفات، حتى لا يبالغ من قال: إن من حفظ هذا الكتاب واحتفظ بما فيه من المعلومات يمكن أن يستغني به عما وراءه من كتب هذا الفن.

وأما شرحه -وهو للمؤلف نفسه كما قلنا- فقد ذكر في سبب تأليفه أن من سأله تلخيص المهم من فن المصطلح رغب إليه ثانيًا أن يضع عليه شرحًا يحل رموزه، ويفتح كنوزه١، ويوضح ما خفي على المبتدء من ذلك، فشرحه شرحًا بالغ فيه في الإيضاح والتوجيه. ونبه على خفايا زواياه. لأن صاحب البيت أدرى بما فيه، وقال: إنه ظهر له أن إيراده على صورة البسط أليق، ودمجها ضمن توضيحه أفوق، فسلك هذه الطريقة القليلة المسالك.

وهو يريد بذلك أنه قد بسط المتن بالشرح بسطًا يلقي عليه الضوء لإيضاح معلوماته، وهو في الوقت نفسه أدمجه معه فصارا كتابًا واحدًا بفنه التأليفي المتين.

ولقد صدق في أنه بسط الكتاب فهو -مثلًا- عند تقسيم الخبر إلى متواتر وغيره٢ أدمج في شرحه تصوير الخبر، والخلاف في أنه مرادف للحديث أو مخالف، وما يترتب على ذلك، وما قيل من أن بينهما عمومًا وخصوصًا مطلقًا، وعند ذكر أن الطرق في المتواتر بلا عدد معين صور أن ذلك يكون بأن تكون العادة أحالت تواطؤهم على الكذب، وحينئذ لا يكون هناك معنى لتعيين العدد، ثم أورد الخلاف في ذلك بأن بعضهم يعين العدد في الأربعة، وقيل: في الخمسة، وقيل: السبعة، وقيل: العشرة، وغيرها إلى السبعين وقيل غير ذلك، وقال: إن كل قارئ تمسك بدليل جاء فيه ذكر العدد فأفاد العلم، ثم استوفى بقية شروط التواتر في إيجاز لطيف.

وإذا انتقلنا إلى حديثه عن المشهور٣ نرى أنه على وجازته يبين مرتبته من أقسام الآحاد، وأنه أولها، وأنه محصور بأكثر من اثنين، وأن جماعة من أئمة الفقهاء سموه المستفيض لانتشاره، من فاض يفيض فيضًا، وأن منهم من غاير بين المستفيض والمشهور بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك، ثم قال: ومنهم من غابر كيفية أخرى وليس من مباحث


١ نخبة الفكر ص٣.
٢ نخبة الفكر ص٣.
٣ نخبة الفكر ص٥.

<<  <   >  >>