للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مراده، وإنما نفى القطع بذلك، ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم؛ لأن الحكم يقع بالظن الغالب، وهو هنا كذلك، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل، ولا رجم المعترف بالزنا، لاحتمال أن يكونا كاذبين.

ثم تطرق إلى بيان القرائن التي يعرف بها الوضع١ فأطال وأفاد، ونذكر على سبيل المثال أنه قال في المتن٢: ولا يجوز تعمد تغيير المتن "متن الحديث" مطلقًا، ولا الاختصار منه بالنقض، ولا إبدال اللفظ المرادف باللفظ المرادف إلا لعالم بمدلولات الألفاظ، وبما يحيل المعاني، وقال في الشرح: إن ذلك هو الصحيح في المسألتين -وذكر الخلاف في اختصار الحديث، ووجهة نظر الجمهور في جوازه بما يؤيد مذهبهم- وأما الرواية بالمعنى فقال: إن الخلاف فيها شهير، والأكثر على جوازه، ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى، ثم أفاض في ذكر الخلاف في ذلك.

ثم ذكر على سبيل المثال أنه تناول الحديث المرفوع في تقسيمه، وبين أنه ما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصريحًا أو حكمًا من قوله أو فعله أو تقريره، وفي الشرح أورد مثالًا لكل فقال: إن المرفوع من القول تصريحًا أن يقول الصحابي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، أو يقول هو أو غيره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا أو نحو ذلك، وهذا الترديد يفهمه العارفون لفن المصطلح بأنه يشمل المتصل والمرسل والمعلق والمعنعن والمنقطع والمعضل، وغير ذلك.

ثم قال: ومثال المرفوع من الفعل تصريحًا أن يقول الصحابي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كذا، أو يقول هو أو غيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، وهذا يتناول جميع الأقسام التي أشرنا إليها عند تمثيله للمرفوع من القول تصريحًا، ثم قال: ومثال المرفوع من التقرير تصريحًا أن يقول الصحابي: فعلت بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو يقول هو أو غيره: فعل فلان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولا يذكر إنكاره لذلك، ومثال المرفوع من القول حكمًا لا تصريحًا أن يقول الصحابي -الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات- ما لا مجال للاجتهاد فيه، ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح، كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وأخبار الأنبياء، أو الآتية كالملاحم والفتن وأحوال القيامة، وكذا الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص، ثم بين لم كان ذلك في حكم المرفوع.


١ نخبة الفكر ص٢٠.
٢ نخبة الفكر ص٢٢، ٢٣.

<<  <   >  >>