للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على إيراده كاملًا في أعلى الصفحات، فتترابط معاني الشرح، ويأخذ بعضها بحجز بعض، ويفيد منها بعد ذلك طالب الحديث وعلومه.

وقد فعل ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فأورد متن البخاري في أعلى الصفحات ودون شرحه أدناها، ولم يدخل بين أجزاء شرحه إلا جملًا تامة تقتضيها ضرورة الشرح ولا تفقده حسن سبكه، ولا تحول دون الإفادة منه.

٢- إن مسايرته للأصل كلمة كلمة جعلت شرحه غير محدد فيما يفيده من معارف، ومختلطًا لا يكاد طالب العلم يستبين طريقه فيه بسهولة ويسر، فإن كلامه على الإسناد وبيان الرجال، وكلامه عن الفقه، وتوضيح المفردات وضبطها، وكلامه عن الصرف والإعراب والمعاني والبيان، كل ذلك وغيره ويأتي في كتابه ممزوجًا بشرح ما ورد من الأصل كلمة فكلمة على حسب ما يستفاد من الكلمات، دون تحديد لموضوع معين، ولا تمييز بين علم وعلم.

وهذه ضرورة ألجأه إليها منهجه الذي اختاره في شرح البخاري، وتحدث عنه في صدر مقدمته لهذا الشرح حين قال: ولطالما خطر لي في الخاطر المخاطر أن أعلق عليه شرحًا أمزجه فيه مزجًا وأدرجه ضمنه درجًا، أميز فيه الأصل عن الشرح بالحمرة والمداد، واختلاف الروايات بغيرها، ليدرك الناظر سريعًا المراد، فيكون باديًا بالصفحة، مدركًا باللمحة ... إلى آخر ما قال.

ونرى أنه حتى ولو أمكن تنفيذ ما رآه المؤلف بتمييز الأصل عن شرحه بألوان المداد -مع ما في ذلك من صعوبات فنية- لما أغنى القارئ فيما يصادفه من عناء في تتبع الأصل أو الشرح متناثرًا بألوانه في هذا الكتاب.

ولو أنه رحمه الله اختار منهجًا غير هذا لكتابه، وحدد فيه عناوين ضابطة لما يأتي به شرحًا للأصل، مميزًا بهذه العناوين أنواع ما يورده فيه من معارف بعد إيراده الأصل كاملًا بأعلى الصفحة كما سبق أن ذكرنا لو أنه فعل هذا لكان أقرب إلى الإفادة، وأعون على الانتفاع بما أورده في هذا الشرح العظيم.

إن الإمام العيني في شرحه لهذا الأصل قد سلك هذا المسلك، فأفرد -بعد ذكر الأصل كاملًا- عناوين ضابطة لكل ما أتى به شرحًا للبخاري، حدد بها لقارئ كتابه أنواع ما يورده فيه، فهو يذكر بيان مناسبة الحديث للباب الذي أورده فيه البخاري، ويذكر بيان رجاله، ولطائف إسناده, وبيان مفردات اللغة، وبيان الإعراب، وبيان الصرف، وبيان المعاني، وبيان البيان، وبيان استنباط الأحكام، ثم الأسئلة والأجوبة وغير ذلك مما لا نطيل به على القارئ الكريم، فقد سبق لنا إيراده عند دراسة كتب عمدة القارئ.

<<  <   >  >>