وقد زعم بعض العلماء عدم تفاوت الضبط أيضا, وقد رد عليه بعضهم بقوله: لا شك في تحقق تفاوت مراتب العدالة والضبط في العدول الضابطين من السلف والخلف وقد وضح ذلك حتى صار كالبدهي وهذه المسألة لها نظائر لا تحصى قد غلط فيها كثير ممن له موقع عظيم في النفوس فإنهم يذهلون عن بعض الأقسام, فتراهم يقولون: الراوي إما عدل أو غير عدل, وكل منهما إما ضابط أو غير ضابط, غير ملاحظين أن العدالة والضبط مقولان بالتشكيك, فينبغي الانتباه لذلك فإنه ينحل به كثير من المشكلات١.
بم تثبت العدالة؟
١- تثبت العدالة بالاستفاضة والشهرة, فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم, وشاع الثناء عليه بها كفى في عدالته, ولا يحتاج مع ذلك إلى معدل ينص عليها، وذلك كالأئمة مالك والسفيانين: سفيان الثوري, وسفيان بن عيينة. والأوزاعي, والشافعي وأحمد بن حنبل, والليث بن سعد, وشعبة, وابن المبارك, ووكيع بن الجراح, ويحيى بن معين, وعلي بن المديني -رحمهم الله- ومن جرى مجراهم في نياهة الشأن، واستقامة الأمر، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء، وإنما يسأل عمن خفي أمره.
وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن إسحاق بن راهويه فقال:"مثل إسحاق يسأل عنه؟ ", وهي كلمة لها معناها ومغزاها.
وسئل يحيى بن معين عن أبي عبيد القاسم بن سلام فقال:"مثلي يسأل عن أبي عبيد؟! أبو عبيد يسأل عن الناس".