صلى الله عليه وسلم لبعض صحابتهس إذن خاصاس في كتابة الحديث، ليساعدهم ذلك على زيادة الضبط إن خيف نسيانهم، ولم يوثق بحفظهم ولعله خص بهذا الإذن من كان أشد ضبطا وحفظا، وبهذا ينتفي ما قيل من تعارض بين النصوص الواردة في النهي عن كتابة الحديث والإذن في ذلك، وقد اتفقت الكلمة بعد الصدر الأول على جواز كتابة الحديث.
قال ابن الصلاح:"ثم إنه زال الخلاف، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة".
ويستفاد من بعض الآثار أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن بكتابة الحديث في آخر حياته إذنا عاما، بعد أن أمن اختلاط السنة بالقرآن، فإنه قيل وفاته أراد أن يكتب للمسلمين كتابا لا يضلوا بعده ولم ير بأسا في ذلك كما سبق في حديث عمر.
روى الترمذي أن سعد بن عبادة الأنصاري كان يملك صحيفة جمع فيها طائفة من أحاديث الرسول وسننه، وكان ابن هذا الصحابي الجليل يروى من هذه الصحيفة.
ويروى البخاري أن هذه الصحيفة كانت نسخة من صحيفة عبد الله بن أبي أوفى، الذي كان يكتب الأحاديث بيده، وكان الناس يقرأون عليه ما جمعه بخطه.
ومن أشهر الصحف المكتوبة في العصر النبوي "الصحيفة الصادقة" التي كتبها جامعها عبد الله بن عمرو بن العاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أهل السير أنها اشتملت على ألف حديث، وأن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب كل شيء سمعه من رسول الله، فهناه بعض الصحابة، لأنه بشر يتكلم في الرضا والغضب، فأمسك عن الكتابة، ثم استفتى رسول الله قائلا:
أأكتب كل ما أسمع؟ ... قال: نعم، قال: في الرضا والضغب؟ قال: نعم فإني