أشرنا من قبل في منهج أبي حنيفة إلى أنه كان يتشدد في الحديث فيقبل المتواتر والمشهور ولكنه يتوقف في خبر الآحاد، إذا لم يكن مشهورا، ويشترط فيه شروطا مما أدى إلى اتهامه بقلة بضاعته في السنة، ورده لكثير من أخبار الآحاد الصحيحة إذا خالف مضمونها أصلا من الأصول.
قال عياض في أبي حنيفة: هو ممن سلم لهم حسن الاعتبار، وتدقيق النظر والقياس، وجودة الفقه والإمامة فيه، لكن ليس له إمامة في الحديث، ولا استقلال بعلمه، ولا يدعيه ولا يدعى له، ولذلك لا يوجدي له في أكثر المصنفات الحديثية ذكر، ولا أخرج له أهل الصحيحين منه ولو حرفا....
وقد ناقش بعض الباحثين هذه الدعوى، وأثبت أن النسائي أخرج له في السنن، وأن الترمذي أخرج له في الشمائل، وقال ابن خلدون في المقدمة: وحاشاه أن يكون جاهلا بالسنة، وكيف يتصور جهله بها مع إمامته المسلمة في