للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دراسة موجزة للأئمة الأربعة وأصول مذاهبهم]

[أبو حنيفة]

[التعريف بعصره]

يجدر بنا قبل أن نترجم لأبي حنيفة ونذكر أصول مذهبه، أن نتعرف على عصره والعوامل التي أحاطت به، وكان لها أثرها في حياته.

ولقد كانت ولادة أبي حنيفة في زهرة شباب دولة بني أمية، في عهد عبد الملك بن مروان، وأدرك في بداية حياته ولاية الحجاج الثقفي على العراق، وشاهد ما كان عليه من قسوة وما اختاره لنفسه في معاملة خصوم الأمويين السياسيين من عنف وشدة، كما أدرك في شبابه خلافة الإمام العادل عمر بن عبد العزيز، وعاصر ضعف الدولة الأموية، وشهد مصرعها، وامتد به الأجل إلى أن نجحت الدعوة لبني العباس، ولم تدركه الوفاة إلا في أيام المنصور عام ١٥٠ هجرية.

وقد بلغت الدولة الإسلامية في عصر أبي حنيفة أوج عظمتها، وامتد سلطانها من المحيط الأطلسي غربا إلى الصين شرفا، واستولت على جزء غير قليل من أوروبا بفتح الأندلس، وهي تضم تحت لوائها شتاتا من الأجناس المختلفة التي دخلت في الإسلام بعد فتح بلادها، فكان منهم: الفارسي، والروي، والتركي، والهندي، والمصري.

وباتساع رقعة الدولة، وتباعد أقاليمها، واختلاف أجناس أبنائها، وتعدد ثقافتهم، تزداد مطالبها، وتحتاج إلى أسس وطيدة شاملة تبنى عليها قواعد السلطة، وتقيم دعئم الحكم وتحدد علاقتها في السلم والحرب. وهذا كله يحتاج إلى جهد علمي من الفقهاء لاستنباط الأحكام، وسد حاجات البلاد في الفتيا والقضاء.

<<  <   >  >>