وبدأ يطلب العلم على الفقهاء والمحدثين في مكة، ثم تطلعت نفسه إلى الإمام مالك الذي بلغ شأوا بعيدا في الفقه والحديث، بعد أن قرأ له الموطأ، وتفقه عليه، ولازمه إلى أن مات سنة ١٧٩هـ، ولم تمنعه ملازمته لمالك من السفر والقيام برحلات علمية في البلاد الإسلامية وزيارته لأمه بمكة.
وصادف حين مات مالك رضي الله عنه أن قدم إلى الحجاز والي اليمن، وأشار عليه بعض القرشيين أن يصحبه الشافعي، فأخذه معه؛ فعمل له بنجران، وفي هذا العمل ظهرت مواهب الشافعي، واتضح ذكاؤه، فأقام العدل ونشر لواءه، ولم يجد أهل نجران إلى نفسه سبيلا إلى المصانعة، والتملق.
ولما اشتد بأس الشافعي في ولايته بنجران، كاد له والي اليمن، واتهم الشافعي لدى الرشيد العباسي بأنه مع العلوية، في بضعة نفر، أحضرهم الرشيد، ومعهم الشافعي.
ويذكر الرواة أن الرشيد قتلهم ولم ينج منهم سواه لقوة حجته، ودفاع محمد بن الحسن عنه. وكانت هذه المحنة سنة ١٨٤هـ والشافعي آنذاك في الرابعة والثلاثين من عمره وحولته من الولاية إلى دراسة العلم وخدمته.