للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقه؟ وكيف يأخذه عنه جمهور من الأمة؟ وإنما الذي نفاه عياض: الإمامة والتبرز فيه حتى يكون مثل مالك وابن حنبل مثلا.

وقد حمل بعض الباحثين على أبي حنيفة لهذا المنهج، ونسبوا إليه أنه كان يرد الأحاديث الصحيحة، وأورد الخطيب البغدادي ذلك.

يروي أبو إسحاق الفزاري أنه كان يأتي أبا حنيفة فيسأله عن الفيء من الغزو فسأله عن مسألة فأجاب فيها، فقال له: إنه يروي فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال: دعنا من هذا.

ويذكر أبو صالح الفراء أنه سمع يوسف بن أسباط يقول: رد أبو حنيفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة حديث أو أكثر؛ فقلت له: يا أبا محمد ... تعرفها؟ قال: نعم، قلت: أخبرني بشيء منها. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للفرس سهمان وللرجل سهم" قال أبو حنيفة: أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن، وكان النبي يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في سفر. وقال أبو حنيفة: القرعة حرام.

ورد أبو حنيفة حديث المصراة المتفق عليها "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر" وفي رواية: "وصاعا من طعام". ولمسلم "فهو بالخيار ثلاثة أيام" واستدل الحنفية في رده بأعذار، قالوا: إن مضمونه مخالف لما هو أقوى منه في قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه} ١ فإنه يحتم الضمان بالمثل، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان"، فلا يكون اللبن مضمونا حيث كانت المصراة تحت ضمان المشتري، وقالوا: إن الحديث خالف قياس الأصول؛ فأوجب الرد من غير عيب ولا شرط، وقدر الخيار بثلاثة أيام؛ وإنما يتقيد بالثلاثة خيار الشرط، وأوجب البدل مع قيام المبدل، وقدر بالتمر والطعام والمتلفات إنما تضمن بالمثل أو القيمة واللبن مثلي، وجعل الضمان بالقيمة، ويؤدي إلى الربا إذا كان ثمن المصراة بالتمر حيث يزيد صاعا منه.


١ النحل: ١٢٦.

<<  <   >  >>