للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلته قبل البيت" وفي رواية: "وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة" فأنزل الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} ١ فتوجه إلى الكعبة.

ووجه الدلالة أنه عليه الصلاة والسلام رأي باجتهاده أحقية البيت الحرام بالتوجه إلى الصلاة، وبدأ اجتهاده في صورة رغبة وأمنية، فحققها له الله سبحانه وتعالى، وبذلك أصبح ما رآه بالاجتهاد مشروعا مقرا عليه من ربه.

ب- واستأذن بعض المنافقين النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة تبوك فأذن لهم، دون أن يتبين أعذارهم، وعاتبه الله سبحانه وتعالى على إذنه لهم بذلك في قوله: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} ٢.

ووجه الدلالة أن العفو هو التجاوز عن الذنب والتقصير، وترك المؤاخذة، والمراد به هنا الإذن للمنافقين، وقد كان الإذن المعاتب عليه هنا إجتهادا منه صلى الله عليه وسلم فيما لا نص فيه من الوحي، فدل هذا على أنه جائز في حق الأنبياء، وليسوا معصومبين من الخطأ فيه.

جـ- وروى البخاري وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد لما جرح وكسرت رباعيته، ورأي تمثيل الكفار بعمه حمزة سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية، فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} ٣.

ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم عندما دعا عليهم، وطلب من الله أن يلعنهم، كان ذلك عن اجتهاد منه، لكن لم يقره الله سبحانه وتعالى على اجتهاده فيما أوحى به إليه في الآية.


١ البقرة: ١٤٤.
٢ التوبة: ٤٣.
٣ آل عمران: ١٢٨.

<<  <   >  >>