للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وأصل مشروعية الطهارة كان بمكة وفي سورة المدثر - وهي أول سورة نزلت بعد "أقرأ" {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر} ١ والتطهير لفظ عام يتناول الطهارة الحسية والطهارة المعنوية كما ذكر المفسرون، وهذا أصل في طهارة الثوب والبدن والمكان، وفي القرآن الكريم المكي {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ٢ وثبت عند أهل السير قصة إسلام عمر، وأن أخته منعته من مس الصحيفة حتى اغتسل، وهذا أصل في الغسل لموجبه، وجماع هذه النصوص يدل على وجوب إزالة النجاسة.

أما الوضوء فكان قريبا لفرض الصلاة، إذ لا يتأتي صلاة بدون وضوء. فيكون فرض الوضوء قبل الهجرة عقب فرض الصلاة وذهب ابن حزم أن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة محتجا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ... } ٣ فإنه الآية مدنية لذكر التيمم فيها.

وذهب بعضهم إلى أن الوضوء قبل الهجرة كان مندوبا ثم فرض بالمدينة، وبهذا بمكن الجمع بين الرأيين.

٤- وفرضت صلاة الجمعة قبل الهجرة، فإنه بعد أن كانت بيعة العقبة وبايع القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين، فكان يسمى المقريء بالمدينة. وكان نزوله على أسعد بن زرارة كان يصلي بهم. واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة فأذن له. فأقامها في المدينة قبل الهجرة، وأخرج الطبراني أن أول من جمع بالمدينة مصعب بن عمير.


١ المدثر: ٤.
٢ الواقعة: ٧٩.
٣ المائدة: ٦

<<  <   >  >>