للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم كانت عمرته صلى الله عليه وسلم الرابعة التي قرنها مع حجته، فإنه كان قارنا في أصح الأقوال، وذلك سنة عشر.

واختلفوا في مشروعية الحج في الإسلام:

فقيل: شرع في السنة السادسة عام الحديبية حين نزلت الآية: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه} ١ ولقد نزلت بالحديبية سنة ست.

وأجيب عن ذلك بأن الآية ليس فيها ابتداء فرض الحجن وإنما فيها الأمر بإتمامه إذا شرع فيه، وذلك لا يقتضي وجوب الابتداء.

وقيل: شرع الحج في السنة الرابعة، لأن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ٢ نزل عام الوفود، وهو العام الرابع من الهجرة، وقد نزل صدر سورة آل عمران في وفد نجران.

وقيل: شرع الحج في أواخر سنة تسع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحج، وأمره أن يؤذن في الناس: ألا لا يحج بعد العام مشرك. ولا يطوف بالبيت عريان، ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه، بعلي رضي الله عنه، وأمره أن يؤذن بصدر سورة براءة، لينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وكان ذلك توطئة لحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حتى لا يقترن حجة بشائبة من شوائب الشرك.

وقيل: شرع الحج في السنة العاشرة فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج، وما كان له أن يؤخر الحج بعد فرضه.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: اختلفوا في وقت ابتداء فرضه: فقيل: قبل الهجرة، وهو شاذ، وقيل بعدها، ثم اختلف في سنته، فالجمهور على أنها سنة ست، لأنها نزل فيها قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه} وهذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض، ويؤيده قراءه علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي


١ البقرة: ١٩٦.
٢ آل عمران: ٩٧.

<<  <   >  >>