مبادئها رأسا على عقب، ولا تزال تلك الشريعة غضة صالحة لكل زمان ومكان، تحمل نصوصها عناصر النمو والارتقاء.
٥- والقانون الوضعي لا يتناول سوى المعاملات المدنية، في الشئون الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم عليها سلطة الدولة إذا استثنينا ما يتصل بالعلاقات الدولية، ولا يمت بصلة إلى عقيدة التوحيد ومقتضياتها.
والشريعة الإسلامية تتناول الإيمان بالله ورسله وعالم الغيب، وصلة العبد بربه، وسلوكه الأخلاقي، وأنظمة الحياة المختلفة في شتى مرافقها.
٦- والقوانين الوضعية تهمل المسائل الأخلاقية، وتقصر المخالفة على ما فيه ضرر مباشر بالأفراد، أو إخلال بالأمن والنظام العام، فلا تعاقب القوانين الوضعية على الزنا في هاتين الحالتين يمس ضرره المباشر الأفراد، كما يمس الأمن العام، وأكثر القوانين الوضعية لا تعاقب على شرب الخمر، ولا تعاقب على السكر لذاته، وإنما تعاقب السكران إذا وجد في الطريق العام في حالة سكر بيِّن، فالعقاب على وجوده في حالة سكر في الطريق العام؛ لأن وجوده في هذه الحال يعرض الناس لأذاه واعتدائه، وليس العقاب على السكر لذاته باعتباره رذيلة، ولا على شرب الخمر باعتبار أن شربها مضر بالصحة، مذهب للعقل، متلف للمال، مفسد للأخلاق.
والشريعة الإسلامية شريعة أخلاقية، وليست الأخلاق في الإسلام أدبا يجمل صاحبه، ولكنها التزامات من واجبات الدين.
والأخلاق في الإسلام غاية تربوية للعبادات، والتزام أدبي في المعاملات، يجعل حياة الناس قائمة على المعروف والحسنى، وقد حث الإسلام على أمهات الفضائل الإنسانية ودعا إلى المثل العليا، وأثنى على مكارم الأخلاق، وقال الله في نبيه صلى الله عليه وسلم:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم} ١.
٧- تفقد القوانين الوضعية سلطتها على النفس البشرية؛ لأن سلطة العقوبة