عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدة نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
قال ابن دقيق العيد: وفيه دليل على المشاورة في الأحكام والقول فيها بالاجتهاد، وقيل: إن الذي أشار بالثمانين هو على بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد يستدل به من يرى الحكم بالقياس أو الاستحسان.
وأخرج مالك في الموطأ أن عمر استشار الناسفي الخمر فقال له على بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، فجلد عمر في الخمر ثمانين. قال ابن حجر وهذا حديث معضل. وقد وصله النسائي والطحاوي - وأنكره ابن حزم وفي معناه نكارة، لأنه قال: إذا هذي افترى، والهاذي لا يعد قوله فرية، لأنه لا عمد له، ولا فرية إلا عن عمد، والثابت الصحيح أن الذي أشار بالجلد ثمانين عبد الرحمن بن عوف كما في الحديث المتفق عليه.
وذكرت بعض الروايات سبب استشارة عمر، أخرج أبو داود والنسائي:"أن خالد بن الوليد كتب إلى عمر، إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة. قال: وعنده المهاجرون والأنصار، فسألهم، فأجمعوا على أن يضرب ثمانين".
وحكاية الإجماع هذه عن الحاضرين، لم تثبت فإن الخلاف كان قائما في حد الخمر ولا زالهذا الخلاف بين الفقهاء كذلك، فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية والشافعي في أحد قوليه إلى أنه يجب الحد على السكران ثمانين جلدة للإجماع عليه في عهد عمر، وذهب أحمد في رواية والشافعي في المشهور عنه وداود إلى أنه أربعون لأنها التي كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر،